مجمل آرائه أجابه إلى طلبه ، ثم أدخله في اليوم الثاني على صاحب الأمر الذي تروج باسمه الدعوة ، الإمام الحسين بن عبد الله ، فأعجب بنبوغه وإخلاصه وتفانيه في سبيل آل البيت فقربه إليه : «... وكان الإمام يخصني ويقربني ويرمز بقرب الأمر ودنو العصر ..».
ويذكر ابن حوشب بأنّه بينما كان في أحد الأيام جالسا بين يدي الإمام قال له : «.. يا أبا القاسم! البيت يماني والركن يماني والدين يماني والكعبة يمانية ، ولن يقوم هذا الدين ويظهر أمره إلّا من قبل اليمن ... يا أبا القاسم! هل لك في غربة في الله؟». قلت : «يا مولاي! الأمر إليك! فما أمرتني به أمتثله». قال. «اصبر ، كأنّي برجل قد أقبل إلينا من اليمن ، وما لليمن إلّا أنت». فقلت : «أستعين بالله على ما يرضيك» (١).
ومهما يكن الأمر فإنّنا نستنتج من كل هذه الأقوال بأن النواة الإسماعيلية الأولى زرعت في بلاد اليمن وفي (عدن لاعة) بالذات قبل (منصور اليمن) بفترة طويلة ، ولمّا اعتراها بعض الفتور إثر عودة أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح لتسلم مرتبة الحجية ، أخذ الإمام يعد العدة لاختيار من يحل محله في اليمن. وممّا أورده ابن حوشب يتضح لنا بأن الاختيار وقع عليه بعد أن أصبح موضع ثقة الإمام ، وأمله الذي يرجوه ، ونلاحظ أن الإمام الإسماعيلي كان على علم بوصول علي بن الفضل يحمل إليه أخبار اليمن. وبالفعل ما عتم أن وصل ابن الفضل إلى الكوفة سنة ٢٦٧ ه بعد أن أدى فريضة الحج في مكة المكرمة ، فعرض عليه الإمام أن يصحبه ابن حوشب لمؤازرته في بث الدعوة باليمن فقال ابن الفضل : «... والله إن الفرصة ممكنة في اليمن ، وإن الذي تدعون إليه جائز هنالك ، وناموسنا يمشي عليهم. وذلك لما أعرف
__________________
(١) عيون الأخبار للداعي إدريس عماد الدين ج ٥ ص ٤٠.