بأن حجّة الإمام الحسين بن عبد الله ـ أي أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح ـ هو الذي أرسل الداعي الحسين الأهوازي إلى البحرين ، وأخذ العهود والمواثيق على علي بن الفضل الجدني والحسن بن فرج بن حوشب (منصور اليمن) وسيرهما في أول سفارة إسماعيلية إلى اليمن.
ويحدثنا ابن حوشب عن كيفية تحوله من مذهب الاثني عشرية إلى المذهب الإسماعيلي فيقول : «... بينما كنت أفكر ذات مرّة تذكرت القول المأثور عن علي بن محمد بن علي بن موسى الكاظم في سنة ٢٥٢ من أن المهدي سيظهر بعد اثنتين وأربعين سنة أي سنة ٢٩٤ (١). فخرجت إلى دجلة ثم أخذت في قراءة سورة الكهف ، فأقبل شيخ يمشي ، ما نظرت إلى أحد يملأ عيني هيبة قبله. فجلس ناحية ، وجلس الرجل بين يديه ، وأقبل غلام فقرب مني ، فقلت : من أنت؟ فقال : حسيني. فاستعبرت ، وقلت : بأبي الحسين المضرج بالدماء ، الممنوع من هذا الماء! فرأيت الشيخ ينظر إليّ ، وكلّم الرجل الذي بين يديه كلاما لم أفهمه ، فقال لي الرجل : تقدم إلينا! فقمت وجلست بين يديه ...» (٢). ثم يذكر ابن حوشب الحديث الذي دار بينه وبين الشيخ ، ويبين مبلغ حديثه من نفسه ، وما لاحظه عليه من رجاحة العقل. ويصف اليأس الذي تسرب إلى نفسه لجهله المكان الذي رحل إليه الشيخ بعد المقابلة ويقول بأنّه بينما كان مطرقا يفكر في نفس المكان السابق ، إذ انقشعت عن نفسه غياهب الأسى حين حضر الرجل الذي شاهده في صحبة الشيخ ، وأخبره بمقره ، فرافقه إلى حيث مثل بين يديه. فتوسل ابن حوشب إليه أن يقبل منه البيعة وأن يأخذ عليه العهود والمواثيق للإمام الإسماعيلي ، فتردد الشيخ ريثما ينتهي من اختبار درجة ثقافته المذهبية وقوّة احتماله. ولما وقف على
__________________
(١) في الأصل ٢٩٦.
(٢) افتتاح الدعوة للقاضي النعمان مخطوط ، الورقة ٣.