الجزائر بإقامة الدعوة باسمه ، فعمرت الأرض ، وانتشر الأمر ، وأقبلوا في السياحة لإيجاد دار هجرة ...». هذا ما ذكره أكبر داع من دعاة اليمن الأول ، ومن الطبيعي جدا أن يتطلع الإمام محمد بن إسماعيل إلى اليمن المعقل المنيع للشيعة ـ كما تطلع إلى المغرب فسيّر إليه الدعاة ـ كجزيرة من جزائر الأرض فيرسل إليه الدعاة أصحاب الخبرة والدراية بشئونه وبفن نشر الدعوة والمبادي ، بسرية تامة وبموجب نظام «التقية» الشديد.
ويمكننا القول بأن عددا كبيرا من أهالي اليمن كانوا في كلّ عام بعد أن يؤدوا فريضة الحج يتوجهون لزيارة العتبات المقدسة في العراق. ولعل دعاة الإسماعيلية قد استغلّوا هذا الموعد وسيلة لبث عقائدهم ودعوتهم. ويلفت نظرنا نص آخر وجدناه في مخطوط إسماعيلي سوري يشير إلى أن الداعي الكبير عبد الله بن ميمون القداح (١٩٠ ـ ٢٧٠ ه) هو أول من فكّر بإرسال الدعاة إلى اليمن. لذلك نراه يختار ولده الأكبر أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح لهذه المهمة. حيث تمكن من مرافقة الحجيج إلى اليمن وزرع أول نواة إسماعيلية في (عدن لاعة). ويؤيد ما ذهبنا إليه النص التالي : «... أصبح سيدنا الشيخ الجليل والعلامة النحرير عبد الله بن ميمون القداح حجة عظيمة الشأن والقدر لمولانا عليهالسلام محمد بن إسماعيل .. فغاب وإياه عن الأنظار لينشر الدعوة في الجزائر والأمصار ...»
وتحدثنا الروايات الإسماعيلية بأن أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح قد عاد من اليمن عند ما أعلنت وفاة والده عبد الله واحتل مرتبته. «... كان حجة ثالث الأئمة المستورين أي الحسين بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل تسلم من عبد الله بن ميمون. فأصبح الحجة الجليل قدرها. العظيم خطرها. وأرفع الحجب وأسماها. وألطفها وأعلاها ...» (١) ويذكر التاريخ الإسماعيلي
__________________
(١) كتاب الأزهار مخطوط سوري مؤلفه مجهول ص ١٩.