الحركة الإسماعيلية في اليمن
التاريخ يجهل جهلا تاما متى بدأت الحركة الإسماعيلية في اليمن ، ومن هو أول من دعا لها في تلك الديار. ونحن لا نستطيع على ضوء ما نملكه من نصوص ووثائق أن نحدد بدقة ووضوح تاريخ بذر أول بذرة إسماعيلية في اليمن ، لأن الدعوة الإسماعيلية كما هو معلوم بدأت سرية تخضع لنظام دقيق من «التقية» عملا بما يروى عن الإمام جعفر الصادق : «التقية ديني ودين آبائي ، من لا تقية له فلا دين له ...» (١) وقوله : «والمذيع لأمرنا كالجاحد له» وقوله عليهالسلام : «إن احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله» وقوله : «رحم الله عبدا اجتر مودّة الناس إلينا وإلى نفسه فحدثهم بما يعرفون وستر عنهم ما ينكرون ... اكتم سرّنا ولا تذعه (٢)» هذا ما جعل الدعاة الإسماعيلية الأول يحرصون أشد الحرص على أن تظل أسرار دعوتهم بعيدة عن متناول أيدي من ليست لهم علاقة بالدعوة ، لذلك نرى التاريخ الإسماعيلي يقف موقف الصمت المطبق تجاه هذه الأمور ، كما أن مؤرخي الدعوة لم يعطونا صورة صحيحة عنها. مما جعلنا نلجأ إلى فك بعض الإشارات والرموز التي وردت في بعض المؤلفات والوثائق السرية عسى أن نوفّق لرسم خط بياني واضح لهذه الفترة الغامضة من التاريخ الإسماعيلي.
يذكر الداعي جعفر بن منصور في كتابه الموسوم بأسرار النطقاء أن الإمام محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق (١٤٥ ـ ١٩٣ ه) أول الأئمة المستورين كان يقيم في المدينة وينشر الدعوة منها إلى جميع البلدان الإسلامية. «... ففرّق الإمام محمد بن إسماعيل دعاته في جزائر الأرض ، وأمر أهل
__________________
(١) دعائم الإسلام للقاضي النعمان تحقيق آصف فيضي ص ٦٠.
(٢) المصدر نفسه ص ٦٠ ـ ٦١