على أمور الدولة وقبض على ابن مدين صاحب الرتبة وقتله. وقتل من أصحاب ابن مدين الدعاة ابن رسلان والعزيزي ونسلان ، وهرب قونص إلى اليمن ، وعاد بعد ذلك فقتل. وأقام ابن مدين قبل مقتله في رتبته صهره القاضي أبا علي ، وأمره أن يخرج الإمام الطيب خوفا من عدوان الوزير ابن الأفضل. فاستتر القاضي صهر ابن مدين بستر الإمام الطيب وسافر معه. وكان ابن مدين المنتصب بالدعوة إلى الطيب في الديار المصرية وأقامه الآمر بأحكام الله في الرتبة البابية ، وأشار الآمر إلى القاضي أبي علي صهر ابن مدين بحفظ رتبته ، فغاب القاضي بغيبة الطيب. فلم يعرف إلّا المخلصون أين مقصده ومثواه ، وما زال السرّ إلى هذا الأوان والإمامة جارية في الإمام الطيب أبي القاسم أمير المؤمنين وعقبه الطاهرين في كل وقت وزمان» (١).
هذه خلاصة النصوص التاريخية التي وجدناها في بعض كتب دعاة الفرقة الإسماعيلية المستعلية الطيبية ، أما الإسماعيلية النزارية فإنّهم يلوذون بالصمت المطبق تجاه هذه المشكلة ، ويكتفون بالإتيان على ذكر مصرع الآمر على يد بعض الفدائيين انتقاما لما حل ببعض النزارية في مصر واليمن على يديه. والغريب في الأمر أنّنا لا نجد مؤرخا من مؤرخي العصر الفاطمي يأتي على ذكر الطيب بن الآمر ووجوده ، بل نراهم جميعا يذهبون إلى أن الآمر بأحكام الله لم يعقب ولدا ذكرا يتسلم الخلافة والإمامة من بعده ، لذلك تسلمها عمّه الحافظ عبد المجيد. أمّا زوجة الآمر التي كانت حاملا عند مصرعه ، فقد ولدت انثى.
وهكذا لم نتمكن من أن نتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض في هذه النقطة الهامة التي هي كل المشكلة ، ممّا جعلنا نشك في صحة النصوص الطيبية ،
__________________
(١) الصليحيون : ١١٩ كتاب عيون الأخبار لإدريس عماد الدين ج ٤ ص ٢٤٠.