وحيدة الزمن ، سيّدة ملوك اليمن ، عمدة الإسلام ، خالصة الإمام ، ذخيرة الدين ، عمدة المؤمنين ، كهف المستجيبين ، عصمة المسترشدين ، وليّة أمير المؤمنين ، وكافلة أوليائها المؤمنين ، أدام الله تمكينها ونعمتها ، وأحسن توفيقها ومعونتها. سلام عليك. فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، ويسأله أن يصلي على جده محمد خاتم النبيّين وسيّد المرسلين ، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين الأئمة المهديّين وسلم تسليما.
أمّا بعد ، فإن نعم الله عند أمير المؤمنين لا تحصى بعد ، ولا تقف عند أمد ، ولا تنتهي إلى الإحاطة بها الظنون ، لكونها كالسحاب الذي كل ما انقضى منها سحاب أعقبه سحاب هتون. فهي كالشمس الساطعة الإشراق ، الدائمة الانتظام والاتساق ، والغيوث المتتابعة الاتصال ، المتوالية في الغدو والآصال ، ومن أشفها لديه قدرا ، وأعظمها صيتا وذكرا ، وأسناها جلالا وفخرا ، الموهبة بما جدده الآن بأن رزقه مولودا زكيّا رضيا مرضيّا برا تقيا. وذلك في الليلة المصبحة بيوم الرابع من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمس مائة ، ارتاحت إلى طيب ذكره المنابر ، وتطلعت إلى مواهبه آمال كل باد وحاضر ، فأضاءت بأنوار غرّته وبهجته طلعة ظلم الدياجر ، وانتظمت به الدولة الزاهرية الفاطمية عقود الفضائل والمفاخر ، استخرجه من سلالة النبوة كما يستخرج النور من النور ، ومنح أمير المؤمنين منه ما قدح به زناد السرور. وسمّاه الطيب لطيب عنصره ، وكناه أبا القاسم كنية جده نبي الهدى المستخرج جوهره من جوهره. وأمير المؤمنين يشكر الله تعالى على ما منّ به من اطلاعه كوكبا منيرا في سماء دولته ، وشهابا مضيئا في فلك جلاله ورفعته ، شكرا يقضي باستدامة نعمته ، وإدرار سحائب طوله ورأفته ، ويسأله أن يبلغه فيه كنه الآمال ، ويصل به حبل الإمامة ما اتصلت الأيام والليالي ، ويجعله عصمة للمسترشدين ، وحجّة على الجاحدين ، وغوثا للمضطرين ، وغيثا