اليوم السابق لعيد الفطر سنة ٥١٥ ه. فتولى الوزارة مأمون البطائحي الذي استبد بالسلطة كلها ، لأن الآمر كان مسلوب الإرادة لا حول له ولا قوة ، كثير العبث والمجون. ممّا أهاب ببعض الفدائية من الإسماعيلية النزارية إلى اغتياله والتخلص منه بينما كان يعبر الجسر المؤدي إلى جزيرة الروضة سنة ٥٢٤ ه.
ولما كان الآمر لم ينجب ولدا يتولى الخلافة بعده ، فقد وثب عليها عمّه الحافظ عبد المجيد بن المستنصر معتبرا نفسه حسب العرف الإسماعيلي «إماما مستودعا» وسرعان ما دعا لنفسه بالإمامة. ولكن الإسماعيلية المستعلية ، وخاصة إسماعيلية اليمن زعموا بأن الآمر عند ما قتل كانت إحدى زوجاته حاملا ، ثم وضعت طفلا ذكرا سموه «الطيب» فالإمامة على هذه الصورة لهذا الوليد ، الذي تمكن أحد دعاتهم في القاهرة من إخفائه عن الحافظ وإرساله في «مقطف» إلى الملكة الحرّة أروى الصليحية باليمن ، وهذه من جانبها سترته وجعلت نفسها كفيلة عليه ، ونائبة عنه في تولي أمور الدعوة المستعلية ، ولقبت نفسها «كفيلة الإمام المستور الطيب بن الآمر». وتدور حول هذه القصة روايات وأساطير لا يسعنا إلّا استعراضها ومناقشتها على ضوء المنطق والعقل والواقع لما يكتنفها من ملابسات وغموض.
تجمع النصوص التاريخية للدعوة الإسماعيلية الطيبية في اليمن على أن الخليفة الفاطمي الآمر قبل مصرعه بقليل أنجب طفلا في الليلة المصبحة باليوم الرابع من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمس مائة ، وسمّاه الطيب ، وكنّاه أبا القاسم ، وكتب سجلات البشارة بهذا المولود والنص على إمامته ، ومن ذلك سجله إلى الملكة الحرّة الصليحية الذي قال فيه : «بسم الله الرّحمن الرحيم. الحمد لله ربّ العالمين. من عبد الله ووليه الآمن ، المنصور ، أبي علي الآمر بأحكام الله ، أمير المؤمنين ، إلى الحرة ، الملكة ، الطاهرة ، الزكية ، الرضية