سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان روى عن ابن عباس أنّ رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال ، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمر ، فربّما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير ، فينزل الرجل من النخلة حتى يأخذ التمر من أيديهم ، فإن وجدها في فيّ أحدهم أدخل إصبعه حتى يأخذ التمرة من فيه. فشكا ذلك الرجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة. فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : إذهب. ولقي رسول الله صلىاللهعليهوآله صاحب النخلة فقال : تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة. فقال له الرجل : إنّ لي نخلاً كثيراً ، وما فيه نخلة أعجب إليّ تمرة منها. قال : ثم ذهب الرجل ، فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول الله صلىاللهعليهوآله يا رسول الله! أتعطيني ما أعطيت الرجل نخلة في الجنة إن أنا أخذتها؟ قال : نعم. فذهب الرجل ولقي صاحب النخلة فساومها منه فقال له : أشعرت أنّ محمّداً أعطاني بها نخلة في الجنة فقلت له : يعجبني تمرتها وإنّ لي نخلاً كثيراً فما فيه نخلة أعجب إليّ تمرة منها. فقال له الآخر : أتريد بيعها؟ فقال : لا إلّا أن أعطى ما لا أظنّه اعطى. قال : فما مُناك؟ قال : أربعون نخلة. فقال الرجل : جئت بعظيم ، تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة؟! ثم سكت عنه. فقال له : أنا أعطيك أربعين نخلة. فقال له : أشهد إن كنت صادقاً ، فمرّ إلى اناس فدعاهم ، فأشهد له بأربعين نخلة ، ثم ذهب إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله! إنّ النخلة قد صارت في ملكي ، فهي لك. فذهب رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى صاحب الدار ، فقال له : النخلة لك ولعيالك. فأنزل الله تعالى : (وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) السورة وعن عطاء قال : اسم الرجل (أبو الدحداح).
التّفسير
التقوى والإمداد الإلهي : هذه السورة المباركة أيضاً تبتديء بثلاثة أقسام تثير التفكير في المخلوقات وفي الخالق. تقول : (وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى).
فالقَسم الأوّل بالليل حين يغطّي ... يغطّي بظلامه نصف الكرة الأرضية ... أو يغطّي قرص الشمس ، وهذا القسم تأكيد على أهمّية الليل ودوره الفاعل في حياة الأفراد ، من تعديله لحرارة الشمس ، ونشره السكينة على كل الموجودات الحية ، وتوفير الجوّ لعبادة المتهجدين ومناجاة الصالحين.
ويستمر السياق القرآني في القسم بالقول : (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى).