فجواب نوح عليهالسلام عام يشمل حتى اولئك المغرورين في صدر الإسلام ... فما شأنكم وهؤلاء؟! وعليكم أن تنظروا إلى هذا الدين ، وإلى النبي الذي جاء بهذا الدين ، ولا تنظروا إلى من آمن به واتبعه ...
وتبقى أساليب الذين يعادون الحق محدودة في إطار الحياة الدنيا ، ولكن إذا كان يوم القيامة ، فستختلف الحال تماماً : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَءَامَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ).
فيوم القيامة ، يوم مجازات الأعمال وإجراء العدالة الإلهية ، والعدالة تقتضي بأن يستهزأ المؤمنون بالكافرين المعاندين للحق ، والإستهزاء في ذلك اليوم أحد ألوان عذاب الآخرة الأليم الذي ينتظر اولئك المغرورين والمستكبرين.
في الدرّ المنثور عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : إنّ المستهزئين بالنّاس في الدنيا يرفع لأحدهم يوم القيامة باب من أبواب الجنة ، فيقال : هلم هلم ، فيجيء بكربه وغمّه ، فإذا أتاه أغلق دونه ، ثم يفتح له باب آخر ، فيقال : هلم هلم ، فيجيء بكربه وغمّه ، فإذا أتاه أغلق دونه ، فما يزال كذلك حتى أنّه ليفتح له الباب فيقول : هلم هلم ، فلا يأتيه من أياسه. [وهنا يضحك المؤمنون الذين يطلعون عليه وعلى بقية الكفار من جنّتهم].
وتقول الآية التالية : (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ).
ماذا ينظرون؟ إنّهم ينظرون إلى : نعم الله التي لا توصف ولا تنفد في الجنة ، وإلى كل ما فازوا به من الألطاف الإلهية والكرامة ، وإلى ما أصاب الكفار والمجرمين من العذاب الأليم خاسئين ...
وفي آخر آية السورة يقول القرآن مستفهماً (بإستفهام تقريري) : (هَلْ ثُوّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
فهذا القول سواء صدر من الله ، أو من الملائكة ، أو من المؤمنين ، فهو في كل الحالات يمثل طعناً واستهزاءاً بأفكار وادعاءات اولئك المغرورون ، الذين كانوا يتصورون أنّ الله سيثيبهم على أعمالهم القبيحة ، ويأتيهم النداء ردّاً على خطل تفكيرهم.
|
نهاية تفسير سورة المطفّفين |
* * *