وهذا يكشف عن علو شأنهم ورفعة كرامتهم عند الله عزوجل.
وذهب قسم من المفسرين إلى أنّ ال كتاب هنا يرمز لمعنى (المصير) ، أو (الحكم القطعي الإلهي) بخصوص نيل الصالحين درجات الجنة العُلى.
ولا يضرّ من الجمع بين التّفسيرين ، فأعمال الأبرار مجموعة في ديوان عام ، ومحل ذلك الديوان في أعلى نقطة من السماء ، ويكون الحكم والقضاء الإلهي كذلك مبنيّ على كونهم في أعلى درجات الجنة.
ولأهمية وعظمة شأن عليّين .. تأتي الآية التالية لتقول : (وَمَا أَدْرَيكَ مَا عِلّيُّونَ) ؛ إنّه مقام من المكانة بحيث يتجاوز حدود التصور والخيال والقياس والظن ، بل وحتى أنّ النبي صلىاللهعليهوآله وعلى ما له من علو شأن ومرتبة مرموقة ، فلا يستطيع من تصور حجم أبعاد عظمته.
ويبدأ البيان القرآني بتقريب أل علّيين إلى الأذهان : كتاب مرقوم.
وهذا على ضوء تفسير علّيين بالديوان العام لأعمال الأبرار ، أمّا على ضوء التفسير الآخر فسيكون معنى الآية : إنّه المصير الحتمي الذي قرره الله وسجّله لهم ، بأن يكون محلهم في أعلى درجات الجنة.
وكذلك : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ). أي يشاهدونه ، أو عليه يشهدون عليه.
والآيات التالية تظهر بوضوح بأنّ المقربين ، هم نخبة عالية من المؤمنين لهم مقام مرموق ، وبامكانهم مشاهدة صحيفة أعمال الأبرار والصالحين.
فبين الأبرار والمقربين عموم وخصوص مطلق ، حيث كل المقربين أبرار ، وليس كل الأبرار مقربين.
وينتقل الحديث إلى عرض بعض جوانب جزاء الأبرار : (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ).
وينقلنا البيان القرآني لجوانب من نعيم الأبرار : (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ).
ثم يضيف : (تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ).
إشارة إلى أنّ ما يبدي على وجوههم من علائم النشاط والسرور والغبطة ، إن هو إلّا إنعكاس لسعادتهم الحقّة.
وبعد ذكر نِعَم : الأرائك ، النظر ، الإطمئنان والسعادة .. تذكر الآية التالية نعمة شراب الجنة ، فتقول : (يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ).