(رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
وفي الآية اللاحقة يشير القرآن الكريم إلى طلب آخر مهم وحسّاس لإبراهيم عليهالسلام وأصحابه في هذا المجال ، حيث يقول تعالى : (رَبَّنَا لَاتَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا).
من المحتمل أن يكون ما ورد في الآية إشارة إلى عمل حاطب بن أبي بلتعة واحتمال صدور شبيهه من أشخاص جهلة يكونون سبباً في تقوية الظالمين ، من حيث لا يشعرون ، بل يتصورون أنّهم يعملون لمصلحة الإسلام.
ويضيف في نهاية الآية : (وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فقدرتك يا الله لا تقهر ، وحكمتك نافذة في كل شيء.
ومرّة اخرى يؤكّد سبحانه في آخر آية من هذه الآيات على نفس الأمر الذي ذكر في أوّل آية ، حيث يقول تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْأَخِرَ).
لقد كانوا لنا اسوة ، ليس فقط في موقفهم ضد منهج الكفر وعبدة الأوثان ، بل هم اسوة لنا في الدعاء بين يدي الباريء عزوجل ، وقدوة لنا في طلب المغفرة منه.
وبدون شك فإنّ هذا التأسّي والإقتداء يرجع نفعه إلى المسلمين أنفسهم قبل الآخرين ، لذا يضيف سبحانه في النهاية قوله : (وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ).
وذلك أنّ عقد الولاء مع أعداء الله يقوّي عودهم وشوكتهم وبالتالي يؤدّي إلى هزيمة المسلمين.
وفي الغالب فإنّ وجود القدوة في حياة البشر مؤثّر في تربيتهم وتوجيههم ، ولهذا السبب فإنّ النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله والأئمة المعصومين ، وبقية الأنبياء الكرام عليهمالسلام كانوا موضع هداية البشرية من خلال أعمالهم والتزاماتهم.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٩)