كأحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ـ صاحب كتاب المحاسن ـ لروايته أحاديث لا تحتملها عقولهم (١) ، في حين نرى تلك الروايات منذ ذلك اليوم مدوّنة في كتبنا المعتبرة كالكافي ، والتهذيب ، ودَلَّ على صحتها القرآن والسنة .
إذاً ينبغي دراسة هذه المسألة وما يماثلها بدقّة ، لنرى ما هو مدى صواب موقف الأعلام القمّيّين في تخطئة هؤلاء ، وهل حقاً أنّهم من الغلاة أو المفوّضة أم لا ؟ ولو بحثت عن ترجمة سهل بن زياد مثلاً ، أو حسين بن عبيد ، أو أبي سهيل محمّد بن عليّ القرشيّ ، وآخرين ممَّن طُعِنُوا في اعتقاداتهم بالتفويض أو الغلوّ ، كأبي جعفر محمّد بن أُورمة القمّيّ ، لرأيت أن تجريحهم لأولئك يبتني على أُمور أثبت التحقيق أنّها باطلة .
ونموذج ذلك أنّهم كانوا يتعقَّبون ( ابن أورمة القمي ) وأمثاله كي يقتلوه ، اعتقاداً منهم بأنّه كغالب الغلاة والمفوّضة الذين لا يُؤَدُّون الصلاة ، ولكن حين أتوا إليه ورأوه يؤدي الصلاة تركوه وشأنه ، ووقع مثل ذلك في غير ابن أورمة ، حيث كانوا يتّهمونهم بالغلوّ والتفويض ، لكنهم إذا رأوا صلاتهم وعبادتهم ، رجعوا عن ذلك الاتّهام وتركوهم وشأنهم (٢) .
وعلى هذه الحالة والمِنوال اتُّهمَت طائفة بالتفويض وأُخرى بالغلو تبعاً لمتبنَّيات
__________________
(١) رجال ابن الغضائري : ٣٩ / ت ١٠ ، وعنه في الخلاصة للعلّامة : ٦٣ / ت ٧ .
(٢) رجال ابن الغضائري : ٩٦ / ت ١٥٨ ، فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٣٢٩ / ت ٨٩١ ، الخلاصة للعلّامة : ٣٩٧ / ت ٢٨ ، رجال ابن داود : ٢٧٠ / ت ٤٣١ ، معجم رجال الحديث ١٦ : ١٢٤ / ت ١٠٣١٤ . قال الميرداماد في الرواشح السماوية : ١٨٢ ثم ان ابن الغضائري مع أنّه في الأكثر مسارع إلى التضعيف بأدنى سبب قال في محمّد بن اورمه : اتّهمه القميّون بالغلوّ وحديثه نقيّ لا فساد فيه ، ولم أر شيئاً ينسب إليه تضطرب فيه النفس إلّا أوراقاً في تفسير الباطن وأظنّها موضوعة عليه ، ورايت كتاباً خرج عن أبي الحسن إلى القميين في براءته مما قذف به .