المعصومين ، فالعقل يدعو إلى تبيان الدليل في حال نسبة هذا العمل إلى المفوّضة وذاك إلى الغلاة ، وإلّا فالأمر سوف لا يتعدَّى سياق المهاترات ، والحال هذه .
لقد أكدنا قبل قليل بأن الله اصطفى واجتبى بعض عباده ، وأنّ علم الغيب يختص به تعالى ، لكنّه منح ذلك لمن ارتضاهم ، لقوله : ( عَـٰلِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) (١) ، وقوله تعالى : ( وَما كانَ اللَّهُ لِيُطلِعَكُم عَلَى الغَيبِ وَلٰكِنَّ اللَّهَ يَجتَبى مِن رُسُلِهِ مَن يَشاءُ ) (٢) .
وقد أعطى بالفعل لوطا (٣) وسليمان (٤) وداود (٥) علماً ، وهو سبحانه القائل : ( وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) (٦) .
وقال سبحانه : ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٧) ، وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّـه ) (٨) .
وكلّ ذلك يوصلنا إلى أنّ الله سبحانه قادر على أن يعطي علمه للأنبياء والأوصياء والصالحين من عباده ، وحتى أنّه يمكنه أن يعطيها لبعوضة ، والأنبياء والأئمّة هُم أكرم عند الله من بعوضة (٩) ، وقد اعطى هذا العلم بالفعل لكثير من الأنبياء والأوصياء وعباده المصطفين .
وعليه ، فإنّ ما قلناه هو إعلام من الله وليس عِلْمَ غيب استقلاليّاً كما يتخيّله
__________________
(١) الجن : ٢٦ .
(٢) آل عمران : ١٧٩ .
(٣) الأنبياء : ٧٤ .
(٤) الأنبياء : ٧٩ ، النمل : ١٥ .
(٥) النمل : ١٥ .
(٦) الكهف : ٦٥ .
(٧) النمل : ٤٠ .
(٨) لقمان : ١٢ .
(٩) ورد هذا المعنى عن الإمام الجواد ، انظر بحار الأنوار ٥٠ : ١٠٠ / ح ١٢ ، عن عيون المعجزات .