بعض ثمّ قذفهم [ فيها ] ، ثمّ خَمَّر رؤوسها ، ثمّ أُلِهبت النار في بئر منها ليس فيها أحد منهم ، فدخل الدخان عليهم فيها فماتوا (١) .
وروي عن الإمام الرضا عليهالسلام أنّه قال في جواب من سأل عن معنى ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّآلِّينَ ) : بأنّ من تجاوز بأمير المؤمنين العبودية فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين .
ثمّ راح الإمام يصف ربَّ العالمين ، فقال الرجل : بأبي أنت وأمّي يا بن رسول الله ، فإنّ معي من ينتحل موالاتكم ويزعم أنّ هذه كلّها صفات عليّ عليهالسلام ، وأنّه هو الله ربّ العالمين .
قال : فلمّا سمعها الرضا عليهالسلام ارتعدت فرائصه وتصبّب عرقا ، وقال : سبحان الله سبحان الله عمّا يقول الظالمون ، والكافرون ، أو ليس كان عليّ عليهالسلام آكِلاً في الآكلين ، وشارِباً في الشاربين ، وناكحاً في النّاكحين ، ومُحْدِثاً في المحدثِين ؟ وكان مع ذلك مصلّياً خاضعاً بين يدي الله ذليلاً ، وإليه أوّاهاً منيباً ، أفمن كان هذه صفته يكون إلهاً ؟ !
فإن كان هذا إلهاً فليس منكم أحد إلّا وهو إله ، لمشاركته له في هذه الصفات الدالّات على حدث كلّ موصوف بها . . .
فقال الرجل : يا بن رسول الله إنّهم يزعمون أنّ عليّاً لمّا أظهر من نفسه المعجزات الّتي لا يقدر عليها غير الله تعالى دلّ على أنّه إله ، ولمّا ظهر لهم بصفات المحدَثِين العاجزين لبّس بذلك عليهم وامتحنهم ليعرفوه ، وليكون إيمانهم به اختياراً من أنفسهم .
فقال الرضا عليهالسلام : أوّل ماههنا أنّهم لا ينفصلون ممّن قَلَبَ هذا عليهم فقال : لمّا ظهر منه الفقر والفاقة دلّ على أنّ مَن هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٥٩ / ح ٢٣ / من باب حد المرتد ، من لا يحضره الفقيه ٣ : ١٥٠ / ٣٥٥٠ ، وانظر مناقب بن شهرآشوب ١ : ٢٢٧ ، وبحار الأنوار ٢٥ : ٢٨٥ / ح ٣٨ عن المناقب ، و ٢٥ : ٢٨٧ / ح ٤٣ عن الكشي ، و ٤٠ : ٣٠١ / ح ٧٧ عن الكافي .