التوحيد (١) .
هذه الرواية لها دلالة واضحة على أنّ إقامة الدين لا تتم إلّا بهذه الاصول الثلاثة ، كما أنّ التوحيد لا يمكن تحقّقه أفعالياً في الخارج ـ كما أراده الله ـ إلّا من خلال هذه الشهادات الثلاث التي نصّت عليها الرواية .
لكن نتساءل : ما علاقة التوحيد بولاية علي ؟ وكيف تكون ولاية عليّ هي نهاية التوحيد والمعنى المتمّم له ، مع أنّهما حقيقتان متغايرتان ؟ !
الجواب على ذلك : أنّهما حقيقتان دالّتان على أمر واحد ، لأنّ ولاية الإمام علي والاقرار له بالولاية هو اقرار لله بالتوحيد وللرسول بالرسالة ، إذ أنّ طاعة علي من طاعة الله ، ولا يوجد من تفسير وتوجيه للخبر الآنف إلّا التزام الشعارية ، إذ المعني من الشعارية هنا هو الإقرار بعد الاعتقاد ، لأنّ المسلم وبعد أن اعتقد بوحدانية الله ورسالة النبي محمّد صلىاللهعليهوآله وولاية علي ابن أبي طالب عليهالسلام عليه أن يحمد الله وأن يسبحه وأن يصلي على النبي وآله ، أي عليه أن يذكر الله ذكر قلب واعتقاد لا لقلقة لسان ، فالاذكار والتسبيحات هي أقرار بالمعتقد الذي آمن به .
والرواية السابقة من هذا القبيل وهي تشير إلى ان فطرة الله التي فطر الناس عليها ما هي إلّا الشهادات الثلاث ، وما على المؤمن إلّا ان يتوجه إليها من خلال الذكر والصلاة والتسبيح ، لأنّ الاقرار اليومي بتلك الاصول هي بمثابة تثبيت العقيدة والهوية في النفس .
ولو تأملت في الأحاديث الواردة عن المعصومين لرايتها مفعمة بهذه الشهادات الثلاث وكذا الشهادة بغيرها من المعتقدات ، اذن الإقرار هو « الاشهاد » و « النداء » و « الشعار » ، وإليك فقرة من دعاء العشرات ، والذي يستحب أن يقرأه المؤمن في كل صباح ومساء نأتي به توضيحاً لما نقوله ، وفيه :
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٥٥ .