فنحن لو جمعنا كلّ هذه المفردات ، وطابقناها مع مواقف النهج الحاكم بعد رسول الله من أهل بيت الرسالة ، وموت الزهراء وهي واجدة على أبي بكر وعمر (١) ، لعرفنا مدى المفارقة بين ترك بِرِّ فاطمة وترك الدعوة للولاية بـ « حيّ على خير العمل » في الأذان ، ولماذا جاء تفسير « حيّ على خير العمل » في كلام الإمامين الباقر والصادق بـ « بر فاطمة وولدها » وغيرها من النصوص الأخرى .
إنّ وقوف الرسول كل يوم على باب فاطمة ولمدّة ستة أشهر بعد نزول آية التطهير ، وقوله لأهل بيت الرسالة : « الصلاة ، الصلاة إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً » (٢) يؤكّد على وجود ترابط بين التوحيد والنبوّة والإمامة في الأذان وكذا في الصلاة ، بل في كلّ شيء ، وقد كان الرسول الأكرم هو حلقة الوصل والرابط بين ركيزتي التوحيد ( الصلاة ) والعترة ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٣) .
وكان القوم قد عرفوا هذا الارتباط من خلال الآيات الكثيرة النازلة في حقّ أهل البيت ، وتأكيدات الرسول المتوالية عليهم ، فأرادوا إبعادهم عما خصهم به الله ورسوله حسداً وازوراراً ، وهم يعلمون بهذه الحقيقة ، وأنّ موضوع آل البيت ولزوم اتّباع عترته كان من موارد الابتلاء والفتنة التي أخبر بها رسول الله أُمّته ،
__________________
(١) سنن الترمذي ٤ : ١٥٧ / ح ١٦٠٩ ، صحيح البخاري ٤ : ١٥٤٩ / ح ٣٩٩٨ ، وانظر ٦ : ٢٤٧٤ / ح ٦٣٤٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٨٠ / ح ١٧٥٩ .
(٢) الفضائل لأحمد بن حنبل ٢ : ٧٦١ / ح ١٣٤٠ ، ذخائر العقبى ١ : ٢٤ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١٣٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٧٢ / ح ٤٧٤٨ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٥٢ / ح ٣٢٠٦ ، المصنف لابن أبي شيبة ٦ : ٣٨٨ / ح ٣٢٢٧٢ ، المعجم الكبير ٣ : ٥٦ / ح ٢٦٧٢ ، الدرّ المنثور ٦ : ٦٠٥ .
(٣) سورة الاحزاب : ٣٣ .