بالشهادتين فقط (١) ، وجاء عن ابن عباس أنّه كان يكتفي بالشهادتين عند المطر (٢) ، وأجيز للمؤذن أن يقول « حي على الصلاة » أو « حي على الفلاح » أكثر من مرتين (٣) إذا كان إماماً يريد به جماعة القوم ليجمعهم . وهذه هي الروايات التخييرية ومنها نفهم التوسعة في أمر الأذان ، أي انّ المكلّف لو أتى بواحدة من هذه الأُمور فأذانه صحيح وقد أخذ بالسنة ، وإن كان قد ترك بفعله سنة اخرى .
وعليه فلا يمكن تصوّر البدعة في امر موسع كالأذان ـ وحسب تعبير صاحب الجواهر : « والامر فيه سهل » ـ إلّا بعد معرفة السنّة ، لأنّ البدعة أمر مركّب مؤلّف من عقدين : عقد إيجابي وعقد سلبي ، وكما قال الإمام علي « أما السنّة فسنة رسول الله ، وأما البدعة فما خالفها » فبعد ثبوت السنّة يأتي دور ما يخالفها وهي البدعة .
وفي ما نحن فيه ، لا بدّ لمدّعي نفي الشهادة الثالثة ـ من الأذان والإقامة مطلقاً حتى بعنوان الاباحة ـ أن يثبت أنّها خلاف السنة على نحو التصادم والتعارض ، وما ادّعوه من عدم ذكرها في روايات المعصومين لا ينقضه ، لعدة جهات :
الأولى : أنّه لا ملازمة بين عدم الذكر وبين البدعية التي تستلزم الحرمة ، فالحكم بالاباحة والحلّيّة والطهارة والجواز فيما لا نص فيه ، ليس بدعةً باجماع المسلمين ،
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٨ / ح ٩٠٩ علل الشرائع ٢ : ٣٥٥ / ح ١ ، من الباب ٦٨ وفيه عن زرارة بن اعين ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له : المرأة عليها أذان وإقامة ؟ فقال : ان كانت تسمع اذان القبيلة فليس عليها شيء ، وإلّا فليس عليها اكثر من الشهادتين . . .
(٢) سنن ابن ماجه ١ : ٣٠٢ / ح ٩٣٩ ، عن عبد الله بن لحارث بن نوفل قال : ان بن عباس امر المؤذن ان يؤذن يوم الجمعة وذلك يوم مطير ، فقال : الله اكبر الله اكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمّد رسول الله ، ثم ناد في الناس فليصلوا في بيوتهم ، فقال له الناس ما هذا الذي صنعت ، قال : فعل هذا من هو خير مني . . .
(٣) الكافي ٣ : ٣٠٨ ح ٣٤ ، وسائل الشيعة ٥ : ٤٢٨ / ح ٦٩٩٩ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لو أن مؤذناً اعاد في الشهادة وفي حي على الصلاة أو حي على الفلاح المرتين والثلاث واكثر من ذلك إذا كان إنما يريد به جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس .