لو أخذنا الآية جملة جملة ، وفسّرناها لكان معناها كما يلي أنعم الله بالإيمان على «زيد» ابن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بالتبنّي (الذي كان سابقاً عبداً للنبي صلىاللهعليهوآله ثمّ أعتقه ، وتبناه لذكائه ودرايته) ، كما أنعم عليه النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إذ أعتقه واعتبره كولده ، وزَوَّجه ابنة عمّته التي كانت لها شخصيّة مرموقة في المجتمع ، هذا هو مفهوم جملة (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ).
كما يستفاد من الجملة الثانية وقوع سوء التفاهم بين زيد وزوجته حتّى جال في ذهنه طلاقها ، وأنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كان يحثّه على عدم الطلاق ، ويدعوه للورع والتقوى : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ).
كان النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هنا أمام محذورين : فهو من جهة يفكر في أنّه لو انتهى الأمر بالطلاق لوجب عليه أن يتزوّجها ، لِينهي كلم الناس السيّ الذي سيلحق بإبنة عمّته زينب ، باعتبار أنّ العبد المعتق أيضاً لم يرض بها فطلّقها ، ومن جهة أخرى كان يخشى الناس خصوصاً المنافقين ، الذين كانوا يتربّصون به الدوائر والذرائع ليعيروه بهذا الأمر من جهتين :
الاولى : تجاوزه لاحدى عادات عرب الجاهلية المتأصّلة ، والتي كانت تعتبر زوجة الإبن بالتبنّي كزوجة الإبن الحقيقي وأنّ الزواج منها هو كالزواج من تلك.
الثاني : إعتقادهم بأنّ الزواج من مطلّقة العبد المعتق هو دون شأن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وأنّه انتقاص من مكانته.
لكن شاء الله أن يتحقّق هذا الزواج بعد ذلك الفراق؟ وأن تتحطّم تلك العادة السيّئة ، كما جاء في ذيل الآية : (لِكَىْ لَايَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً).
وبناءً على هذا ، فالذي كان النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يخفيه في قلبه ، وأعلنه الله في خاتمة المطاف هو الزواج من زوجة زيد في حالة إصراره على طلاقها.
والذي كان يخشاه النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هو ردّ الفعل نتيجة لقضائه على احدى عادات الجاهلية ، كذلك زواجه من امرأة دون شأنه صلىاللهعليهوآله ، واستمرّ خوفه ما دام الأمر الإلهي القطعي