لم يصدر بحقّه ، لكن بعد صدوره بلزوم زواجه منها وتحطيمه لكلتا العادتين الخاطئتين ، بل حتّى أنّ صيغة عقد زواجه أجراها الله تعالى كما في متن الآية : (زَوَّجْنَاكَهَا) ، لم يبق هناك بعد ذلك أي مجال لخوفه وتردّده بالنسبة لهذه المسألة.
اللطيف هو التأكيد على هذه المسألة في الآية التي بعدها أيضاً : قال تعالى : (مَا كَانَ عَلَى النَّبِىِّ مِنْ حَرَجٍ فِيَما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً).
هذه الآية تشير بصراحة إلى أن ما قام به النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هنا ، كان فريضة إلهية وسنّة كانت في الأوّلين أيضاً ، وأمراً إلهيّاً مقدّراً ينبغي وقوعه.
بديهي أنّ هذه المسألة لو كانت نابعة عن رغبة شخصية ، لما كان لهذه التعابير النازلة بشأنها أي معنى يذكر ، لكن لا الأعداء المغرضون يصغون لمثل هذه الحقائق ، ولا البعض من رواة القصص المغفّلين الذين يرجّحون الأساطير المفتعلة الصاخبة في مثل هذه الحوادث على الحقائق.
لكن ولحسن الحظّ فانّ تعابير القرآن هنا كافية وواضحة جدّاً ، والملفت للنظر هو ما نقرأه في حديث نقله «القرطبي» المفسّر المعروف من أهل السنّة عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام حيث يقول : «إنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان قد أوحى الله تعالى إليه أنّ زيداً يطلّق زينب ، ويتزوّجها النبي صلىاللهعليهوآله ، فلمّا اشتكى زيد للنبي صلىاللهعليهوآله خُلُق زينب ، وأنّها لا تطيعه ، وأعلن أنّه يريد طلاقها ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله على جهة الأدب والوصيّة : (اتّق الله في قولك وأمسك عليك زوجك) ، وهو يعلم أنّه سيفارقها ويتزوّجها ، وهذا هو الذي أخفى في نفسه ، ولم يرد أن يأمره بالطلاق لما علم أنّه سيتزوّجها ، وخشى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يلحقه قول من الناس في أنّ يتزوّج زينب بعد زيد ، وهو مولاه وقد أمره بطلاقها ، فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن يخشى الناس لشيء قد أباحه الله له ، بأن قال (أمسك) مع علمه بأنّه يطلّق ، واعلمه أنّ الله أحقّ بالخشية أي في كلّ حال».
ثمّ يضيف (القرطبي) قائلاً : «قال علماؤنا رحمة الله عليهم وهذا القول أحسن ما قيل في