والروايات أنّ الله تعالى قد اعتبره «صادق الوعد» نظراً لعزمه على الوفاء بالوعد حتّى إنّه انتظر شخصاً كان قد وعده في مكان ما ، لمدّة سنة كاملة وحينما جاء ذلك الشخص قال له إسماعيل : لقد كنت في انتظارك طيلة هذه المدّة! (١).
ولا يبعد أن يكون المراد من الإنتظار لمدّة سنة هو التردّد على ذلك المكان ومراقبته بين الحين والآخر لعودة ذلك الشخص لا المكوث هناك سنة كاملة تاركاً كلّ أعماله ومشاغله الحياتية.
لكن هل يا ترى إنّ إسماعيل هذا هو نفس «إسماعيل بن إبراهيم عليهالسلام» المعروف أم «إسماعيل بن حزقيل» الذي هو من أنبياء بني إسرائيل ، فهذا محلّ بحث ، وقد اختار الكثير الإحتمال الأوّل ، لكن تمّ التصريح بالإحتمال الثاني في البعض من الروايات الواردة في مصادر أهل البيت عليهمالسلام ، وذلك لوفاة إسماعيل في حياة أبيه إبراهيم طبقاً لبعض الروايات ، وهذا لا يتلاءم والتعبير بالرسالة في حقّه ، في حين أنّ القرآن يقول في الآية الآنفة الذكر : «وكان رسولاً نبيّاً» ، وما قيل : إنّه كان يمتلك رسالة من قبل أبيه لهداية قبيلة «جرهم» من سكنة مكّة لا يبدو مناسباً أيضاً لأنّ ظاهر الآية هو أنّ «إسماعيل» المذكور هنا كانت له رسالة إلهيّة لا رسالة من قبل إبراهيم عليهالسلام.
علاوة على ذلك فلو كان المراد هو إسماعيل بن إبراهيم عليهالسلام لكان من المناسب ذكره بعد إبراهيم عليهالسلام في الآيات السابقة لا بعد موسى عليهالسلام.
وعلى أيّة حال فلا أثر لهذا الكلام في بحثنا الذي يدور حول مسألة خصوصيات الأنبياء عليهمالسلام.
* * *
٣ ـ الأمانة
إن منزلة النبوّة والرسالة هي مكانة تتطلبـ «الصدق» و «الأمانة» ، الأمانة في نقل الوحي
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٠٥ ، ح ٧.