وهنا فُسِحَ المجال لبعض المغفّلين وأحياناً المغرضين لنسج مجموعة من الأساطير الكاذبة ، وفرضها على القرآن ونسبتها إلى نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله (١).
المهمّ لدينا هنا وما ينبغي توضيحه جملتان وردتا في الآية السابقة ، وإلّا فالأساطير الخرافية التي لا أثرلها في القرآن ، ليست شيئاً يستحقّ التحقيق فيه والردّ عليه.
جاء في إحدى الجمل : (وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ).
كما نقرأ في الجملة الثانية : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ).
ألا تتنافى هاتان الجملتان مع مقام عصمة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله؟
مفهوم الجملة الاولى يبدو مبهماً ، لكن الذين يحوكون الأساطير ربطوا بها مطالب كثيرة ، وقدّموها كلقمة سائغة لأعداء الإسلام حتّى يتّهموا النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله (والعياذ بالله) بعشقه لزوجة زيد.
في حين أنّ نفس الآية تكذب هذا الإدّعاء ، إذ تقول : إنّك أوصيت زيداً مراراً بعدم طلاق زوجته (لا يفوتك أنّ جملة «إذ تقول» هي بصيغة المضارع الدالّ على الإستمرار) ، ولو كانت المسألة كما توهّمها الأعداء لوافق النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله على الطلاق بكلّ رحابة صدر ، أو لاختار السكوت على أقلّ تقدير ، فكيف يعقل أن ينهاه عن ذلك والحالة هذه.
امّا فيما يتعلّق بالجملة الثانية فقد قالوا : بأيّ دليل يخاف النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله من الناس ، والله أحقّ أن يخافه ويخشاه؟
بالرغم من الإحتمالات الكثيرة التي اعطيت لتفسير هذه الآية ، خصوصاً هاتين الجملتين ، حتّى أنّ بعض المفسّرين المعروفين تورّط في الإشتباه ، فمجرّد إمعان النظر في متن نفس الآية (خصوصاً الجمل السابقة واللاحقة لهاتين الجملتين) يُدرك المرء وضوح وجلاء مفهوم الآية ، امّا لو لوحظت لوحدها مجرّدة عمّا يحيط بها فما أكثر الإبهامات التي ستحفّ بها.
__________________
(١) لمن أراد مزيداً من الإطلاع على هذه القصص الموضوعة ونقدها ، الرجوع إلى التفسير الأمثل ، ذيل الآية مورد البحث.