يعلمون ما في الأرض فكيف يعلمون ما في السماء؟ فقال عمرو : بلى (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان : ٣٤] وما سوى ذلك يعلمه قوم ويجهله آخرون.
ذكروا عن الحسن أنّه قال : أضلّ رجل من المسلمين ناقته فذهب في طلبها. فلقى به رجلا من المشركين فأنشدها إيّاه (١) فقال : ألست مع هذا الذي يزعم أنّه نبيّ ، أفلا تأتيه فيخبرك بمكان راحلتك. فمضى الرجل قليلا فردّ الله عليه راحلته. فجاء إلى النبيّ عليهالسلام فأخبره فقال : فما قلت له؟ فقال الرجل : وما عسيت أن أقول لرجل من المشركين مكذّب بالله. قال : أفلا قلت له : إنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله ، وأنّ الشمس لا تطلع إلّا بزيادة أو نقصان (٢).
قوله : (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٧) : يعني المشركين. أي : لا يقرّون بها ؛ إنّما هم عنها في غفلة ، كقوله : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ) أي : غطاء الكفر (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢) [سورة ق : ٢٢]. أبصر حين لم ينفعه البصر.
قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) : أي للبعث والحساب. أي : لو تفكّروا في خلق السماوات والأرض لعلموا أنّ الذي خلقهما يبعث الخلق يوم القيامة. قال : (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) : يعني يوم القيامة. أي : خلق الله السماوات والأرض للقيامة ، ليجزي الناس بأعمالهم. والقيامة اسم جامع يجمع النفختين جميعا : الأولى والآخرة.
قال : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) : يعني المشركين ، وهم أكثر الناس (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) (٨).
قوله : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ
__________________
ـ لها. ولم أجد الكلمة في معرّب الجواليقي ولا في المعاجم التي بين يديّ حتّى أتحقّق من أصلها ومن معناها. وهي معرّبة ولا شكّ.
(١) في سح ورقة ٨١ وفي ع : «فأنشدها إيّاه» ، وفي سع : «فأنشده إيّاها» ، يقال : نشد ضالّته نشدة ونشدانا ، أي : طلبها ، وأنشدها إيّاه ، أي عرّفها إيّاه ناشدا لها.
(٢) لم أعثر على هذه القصّة فيما بحثت من مصادر التفسير والحديث.