تفسير سورة الشعراء وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (طسم) (١) : قال بعضهم : هو اسم من أسماء الكتاب ، يعني القرآن.
وقال الحسن : لا أدري ، غير أنّ قوما من السلف كانوا يقولون فيها وأشباهها : أسماء السور ومفاتحها. وقال بعضهم : اسم من أسماء القرآن ، أقسم به ربّك.
قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) : أي هذه آيات القرآن (الْمُبِينِ) (٢) : أي البيّن.
قوله : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) : أي قاتل نفسك (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣) : أي لعلّك قاتل نفسك إن لم يكونوا مؤمنين ، فلا تفعل.
قوله : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ) : أي فصارت (أَعْناقُهُمْ لَها) : أي للآية (خاضِعِينَ) (٤) : أي فظلّوا خاضعين لها أعناقهم. وهذا تفسير مجاهد (١). وذلك أنّهم كانوا يسألون النبيّ عليهالسلام أن يأتيهم باية ، فهذا جواب لقولهم.
قوله : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) (٥) : أي كلّما نزل من القرآن شيء جحدوا به.
قال : (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ) : أي في الآخرة (أَنْبؤُا) : أي أخبار (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٦) : أي في الدنيا. وهو عذاب النار ، أي : فسيأتيهم تحقيق ذلك الخبر بدخولهم النار.
قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (٧) : أي من كلّ
__________________
(١) كذا في ب وع ، وفي سع ، وهو الصحيح إن شاء الله. وقد أشار الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧ إلى قول مجاهد هذا عند ما ذكر وجوه العربيّة في هذه الجملة فقال : «أوّلها أنّ مجاهدا جعل الأعناق : الرجال الكبراء ، فكانت الأعناق ههنا بمنزلة قولك : ظلّت رؤوسهم ، رؤوس القوم وكبراؤهم لها خاضعين ، للآية». وقال الفرّاء بعد أن ذكر وجها آخر : «وأحبّ إليّ من هذين الوجهين من العربيّة أنّ الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون ، فجعلت الفعل أوّلا للأعناق ، ثمّ جعلت (خاضِعِينَ) للرجال». وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٩ ص ٥٩ ـ ٦٢ ، ومجاز أبي عبيدة ، ج ٢ ص ٨١ ـ ٨٢.