تفسير سورة لقمان وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (الم) (١) : قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة.
قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (٢) : أي المحكم ، أحكمت آياته بالحلال والحرام والأحكام والأمر والنهي.
قوله : (هُدىً) : يهتدون به إلى الجنّة (وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) (٣) : أي للمؤمنين
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : أي الصلاة المفروضة (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : أي المفروضة (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٤) : أي لا يشكّون أنّها كائنة. (أُولئِكَ) : الذين هذه صفتهم (عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) : أي على بيان من ربّهم (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥) : أي السعداء.
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) : يعني الشرك ، وهو قوله : (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) [البقرة : ١٦] أي : اختاروا الضلالة على الهدى في تفسير الحسن. وقال بعضهم : استحبّوا الضلالة على الهدى. [وقال بعضهم : يختار باطل الحديث على القرآن] (١). قال : (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : أي عن سبيل الهدى وهو سبيل الله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) : أتاه من الله بما هو عليه من الشرك. (وَيَتَّخِذَها هُزُواً) : أي ويتّخذ آيات الله ، أي : القرآن هزؤا.
وتفسير الكلبيّ أنّها نزلت في النضر بن الحارث من بني عبد الدار ، وكان رجلا راوية لأحاديث الجاهليّة وأشعارهم (٢). قال : (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦) : أي من الهوان ، يعني
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ٩٥ ، ومن سع ومن ز.
(٢) هذا هو القول الذي ذهب إليه كثير من المفسّرين القدامى والمعاصرين ، ومن هؤلاء الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير ، ج ٢١ ص ١٤٢. وفي تفسير مجاهد ، ص ٥٠٣ ما نصّه : «هو اشتراء المغنّي والمغنّية بالمال الكثير والاستماع إليهم ، وإلى مثله من الباطل». وقد فسّر ابن مسعود لهو الحديث بالغناء. وقال ابن عبّاس : الغناء وأشباهه. وقد روي في هذا المعنى خبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رواه الترمذيّ في كتاب التفسير ، سورة لقمان ، عن أبي أمامة الباهليّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تبيعوا القينات ولا تشتروهنّ ولا تعلّموهنّ ، ولا خير في تجارة فيهنّ ، وثمنهنّ حرام». وانظر : مختلف الأقوال التي وردت في تأويل الآية في تفسير الطبريّ ، ج ٢١ ص ٦٠ ـ ٦٣ ، وفي تفسير القرطبيّ ، ج ١٤ ص ٥١ ـ ٥٧ ، وانظر : محمّد ـ