تفسير سورة سبأ وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) : حمد نفسه ، وهو أهل الحمد. (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ) : أي في أمره ، أحكم كلّ شيء (الْخَبِير) (١) بخلقه.
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ) : أي ما يدخل (فِي الْأَرْضِ) : من المطر (وَما يَخْرُجُ مِنْها) : أي من النبات (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) : أي من المطر وغير ذلك (وَما يَعْرُجُ فِيها) : أي وما يصعد فيها ، أي : ما تصعد به الملائكة (وَهُوَ الرَّحِيمُ) : أي بخلقه (الْغَفُورُ) : (٢) : أي لمن تاب وآمن.
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) : أي القيامة.
(قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ) : من قرأها بالرفع رجع إلى قوله : (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) عالم الغيب. ومن قرأها بالجرّ (عالم الغيب) فهو يقول : قل بلى وربّي عالم الغيب. وفيها تقديم.
وهي تقرأ على وجه آخر : (علّام الغيب) ، وإنّما هو كقولك فاعل وفعّال. والغيب ، في تفسير الحسن في هذا الموضع : ما لم يكن. قال : لتأتينّكم الساعة.
قال : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ) : أي وزن ذرّة ، أي : لا يغيب عنه علم ذلك ، أي : ليعلم ابن آدم أنّ عمله الذي عليه الثواب والعقاب لا يغيب عن الله منه مثقال ذرّة. (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٣) : وقد فسّرنا ذلك في حديث ابن عبّاس : إنّ أوّل ما خلق الله القلم فقال اكتب. قال : ربّ ، وما أكتب؟ قال : ما هو كائن ، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميس ، فيجدونه على ما في الكتاب الأوّل (١).
__________________
(١) أخرجه البيهقيّ في السنن ، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عبّاس مرفوعا مختصرا ، وأخرجه الترمذيّ بلفظ ـ