الأنبياء ويضحكون منهم. (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) ليس يعني أنّ أصحاب الأنبياء أنسوهم ذكر الله فأمروهم ألّا يذكروه ، ولكن جحودهم واستهزاؤهم وضحكهم هو الذي أنساهم ذكر الله ، فأضاف ذلك إلى أصحاب النبيّ فقال : (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) أي هم كانوا أسباب نسيانكم لذكري. كقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٤ ـ ١٢٥] فأضاف رجسهم إلى السورة ؛ لأنّها كانت سبب كفرهم. وهذا من المضاف ، كقول القائل : أنساني فلان كلّ شيء ، وفلان غائب عنه ، بلغه عنه أمر ، فشغل ذلك قلبه. وهي كلمة عربيّة معروفة في اللغة.
قوله : (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) : أي في الدنيا (أَنَّهُمْ) : [أي بأنّهم] (١) (هُمُ الْفائِزُونَ) (١١١) : أي الناجون من النار إلى الجنّة.
قوله : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (١١٢) : يقوله لهم في الآخرة. أي : كم عدد السنين التي لبثتم في الأرض. يريد بذلك أن يعلمهم قلّة بقائهم كان في الدنيا. فتصاغرت الدنيا عندهم. (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وذلك لتصاغر الدنيا عندهم. (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) (١١٣) : تفسير مجاهد : الملائكة. وقال قتادة : الحسّاب الذين كانوا يحسبون آجالنا] (٢).
(قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) : أي إنّ لبثكم في الدنيا في طول ما أنتم لابثون في النار كان قليلا. وهو كقوله : (وَتَظُنُّونَ) أي في الآخرة (إِنْ لَبِثْتُمْ) أي في الدنيا (إِلَّا قَلِيلاً) (٥٢) [الإسراء : ٥٢]. قوله : (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١١٤) : أي لو أنّكم كنتم علماء لم تدخلوا النار ، والمشركون والمنافقون هم الذين لا يعلمون. كقوله : (ذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٥٩) [الروم : ٥٩] وأشباه ذلك.
قوله : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) : أي لغير بعث ولا حساب. (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) (١١٥) : وهو على الاستفهام ، أي : قد حسبتم ذلك. ولم نخلقكم عبثا ، إنّما خلقناكم للبعث والحساب.
__________________
ـ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ).
(١) زيادة من ز ، ورقة ٢٢٩. قراءة الجمهور بفتح همزة (أنّهم) وكسر الهمزة حمزة والكسائيّ على الاستئناف.
(٢) زيادة من سع ، ورقة ٤٨ ظ.