دينكم دين واحد ؛ يعني الإسلام ، وإن كانت الشرائع مختلفة. قال الله : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة : ٤٨]. قال : (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (٥٢) : أي لا تعبدوا غيري (١).
قوله : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً) : هم أهل الكتاب ، تقطّعوا كتاب الله بينهم وحرّفوه ، وبدّلوا كتابا كتبوه على ما حرّفوا. وهي تقرأ على وجهين : (زُبُراً) و (زُبُراً). فمن قرأها (زُبُراً) [بفتح الباء] قال : قطعا. ومن قرأها (زُبُراً) [بضمّ الباء] قال : كتبا. وهي كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) [الأنعام : ١٥٩].
(كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ) : أي بما عندهم ممّا اختلفوا فيه (فَرِحُونَ) (٥٣) : أي راضون. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : افترقت بنو إسرائيل على سبعين فرقة ، واحدة في الجنّة وسائرها في النار ، ولتفترقنّ هذه الأمّة على إحدى وسبعين فرقة واحدة في الجنّة وسائرها في النار (٢).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر ، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه. قيل : يا رسول الله ، أهم اليهود والنصارى؟ قال : فمن إذا (٣).
قوله : (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ) : أي في غفلتهم ، يعني ضلالهم [(حَتَّى حِينٍ) (٥٤) : يعني إلى آجالهم] (٤) ، وهي منسوخة ، نسخها القتال. قوله : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ) : أي ما نزيدهم ونعطيهم (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) : أي ليس لذلك نمدهم بالمال والولد ، يعني المشركين (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٦) : أنّا لا نعطيهم ذلك مسارعة لهم في الخيرات وأنّهم يصيرون إلى النار ، إنّ ذلك شرّ لهم (٥).
__________________
(١) كذا في ب وع : «أي لا تعبدوا غيري» ، وفي سع ورقة ٤٦ و : «أن تعبدوا غيري». أي : فاتّقوا أن تعبدوا غيري.
(٢) أخرجه أبو داود والترمذيّ وابن ماجه وابن حبّان والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الترمذيّ : حديث حسن صحيح. انظر ما سلف ج ١ تفسير الآية ١٠٣ من سورة آل عمران ، واقرأ تحقيقا قيّما في تخريج هذا الحديث كتبه الألبانيّ في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، (الحديث رقم ٢٠٣).
(٣) أخرجه أحمد والبخاريّ ومسلم وابن ماجه عن أبي سعيد ، وأخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة ، وانظر ما سلف ج ١ ، تفسير الآية ١٠٥ من سورة آل عمران.
(٤) سقط ما بين المعقوفين في ب وع وأثبتّه من سع ورقة ٤٦ ظ.
(٥) قال الفرّاء في المعاني ج ٢ ص ٢٣٨ : «وقوله : (نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) يقول : أيحسبون أنّ ما نعطيهم في هذه ـ