قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) : أي التوراة (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (٤٩) : أي لكي يهتدوا.
قوله : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) : يقول : خلق لا والد له ، فهو آية. ووالدته ولدته من غير رجل ، فهي آية (١).
قال : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) (٥٠) : قال بعضهم : الرّبوة بيت المقدس. وقال بعضهم : بلغنا أنّ كعبا قال : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
وقال مجاهد : الربوة بقعة في مكان مرتفع يستقرّ فيه الماء. وقال الحسن : الربوة : دمشق. قال : (ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) : (قَرارٍ) يعني المنازل ، (وَمَعِينٍ) يعني الماء الذي أصله من العيون ، الظاهر الجاري.
وقال عكرمة : المعين : الظاهر. وقال الكلبيّ : المعين : الجاري ، وغير الجاري الذي نالته الدلاء (٢).
قوله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) : أي الحلال من الرزق (وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٥١) : أي هكذا أمر الله الرسل (٣).
قوله : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : قال بعضهم : ملّة واحدة. وقال بعضهم : أي
__________________
(١) جاء في كتاب الفاخر لأبي طالب المفضّل بن سلمة ص ٢٤٢ ـ ٢٤٣ مايلي : «الآية العلامة التي تدلّ على الشيء ... والآية أيضا المثل. فيراد به أنّه يتمثّل به في الشيء الذي ينسب إليه من خير أو شرّ. وقال الله تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ، آيَةً) فيكون المعنى ـ والله أعلم ـ أنّهما مثل في كلّ ما يتعجّب منه. وتكون أيضا بمعنى العلامة ، أي : هما علامة تدلّ على قدرة الله جلّ وعزّ».
(٢) وقال أبو عبيدة في المجاز : «أي تلك الربوة لها ساحة وسعة أسفل منها ، وذات معين أي : ماء جار ظاهر بينهم».
(٣) هذا وجه من التأويل. وللفرّاء في المعاني ج ٢ ص ٢٣٧ وجه آخر إذ قال : «أراد النبيّ ، فجمع ، كما يقال في الكلام للرجل الواحد : أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم. ومثله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) [آل عمران : ١٧٣] الناس واحد معروف ، كان رجلا من أشجع يقال له نعيم بن مسعود». وقد نقل الطبريّ في تفسيره ، ج ١٦ ص ٢٨ هذا الكلام نقلا يكاد يكون حرفيّا ، ولكنّه جعل الكلام موجّها لعيسى بن مريم.