(إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ) : يعنون هودا (افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) : أي يزعم أنّ الله أرسله (وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) (٣٨) : أي بمصدّقين. (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ) الله : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ). (٤٠)
قال الله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ) : أي العذاب (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) : أي كالشيء البالي المتهشّم في تفسير مجاهد (١). وقال بعضهم : مثل النبات إذا صار غثاء فتهشّم بعد أن كان أخضر. قال : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤١).
قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) : أي من بعد الهالكين (قُرُوناً آخَرِينَ) (٤٢).
(ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها) : يعني الوقت الذي يهلكها فيه (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) (٤٣) : أي عن الوقت ساعة ولا يستقدمون ساعة قبل الوقت.
قوله : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) : أي تباعا ، بعضهم على أثر بعض. (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) : يعني العذاب الذي أهلكهم به ، أمّة بعد أمّة حين كذّبوا رسلهم (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) : أي لمن بعدهم (٢). (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (٤٤).
قال الله : (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٤٥) : أي وحجّة بيّنة. (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) : يعني قومه (فَاسْتَكْبَرُوا) : أي عن عبادة الله (وَكانُوا قَوْماً عالِينَ) (٤٦) : أي مشركين. وقال الحسن : مستكبرين في الأرض على الناس.
(فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) (٤٧) : كانوا قد استعبدوا بني إسرائيل ووضعوا عليهم الجزية ، [وليس يعني أنّهم يعبدوننا] (٣).
قال الله : (فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) (٤٨) : أي فأهلكهم الله بالغرق.
__________________
(١) وقال الفرّاء في المعاني : ج ٢ ص ٢٣٦ : «وقوله : (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) كغثاء الوادي : يبّسا بالعذاب. وتعبير أبي عبيدة في المجاز ج ٢ ص ٥٩ أدقّ وأوفى. قال : (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) وهو ما أشبه الزبد وما ارتفع على السيل وما أشبه ذلك ممّا لا ينتفع به في شيء».
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ص ٥٩ : (فَجَعَلْناهُمْ ، أَحادِيثَ) أي : يتمثّل بهم في الشرّ ، ولا يقال في الخير : جعلته حديثا».
(٣) وقع اضطراب في تفسير هذه الآيات في ب وع وسع فأثبتّ التصحيح والزيادة من ز ، ورقة ٢٢٦.