عن وجوب المقدار الميسور من المركّب التّامّ والكلّ ؛ إذ على هذا التّقدير لا شكّ في بقاء التّكليف كي يستصحب بل الشّكّ في أصل التّكليف ، وهذا هو مجرى البراءة.
وقد خالف في ذلك ، المحقّق النّائيني قدسسره فقال : بجريان الاستصحاب في فرض التّعذّر ولو كان حدوثه مقارنا لأوّل الوقت ، بدعوى عدم توقّف جريان الاستصحاب في الأحكام الكليّة على فعليّة الموضوع خارجا ، ألا ترى ، أنّ الفقيه يتمسّك في الحكم بحرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدّم وقبل الاغتسال باستصحاب تلك الحرمة ، وكذا يتمسّك في الحكم بنجاسة الماء المتمّم كرّا بماء طاهر ، باستصحاب تلك النّجاسة السّابقة المتيقّنة قبل ذلك التّتميم ، مع أنّ الموضوع وهو الحائض ـ في المثال الأوّل ـ والماء القليل المتنجّس ـ في المثال الثّاني ـ غير متحقّق في زمان الحكم بالحرمة والنّجاسة لأجل الاستصحاب ، ولا فعليّة له في ذلك الوقت. (١)
وفيه : أنّ عدم توقّف استصحاب الحكم الكلّي على عدم فعليّة الموضوع خارجا ممّا لا كلام فيه ، إلّا أنّه يتوقّف ـ قطعا ـ على أن يفرض تحقّق الموضوع ، فرضا مطابقا للواقع ، ففي المثال الأوّل يفرض الفقيه ، امرأة حائضا متيقّنا حرمة وطئها وشكّ في ارتفاع هذه الحرمة بانقطاع الدّم ، فيتمسّك بالاستصحاب ويحكم بحرمة وطئها على وجه القضيّة الحقيقيّة ؛ وفي المثال الثّاني يفرض ، ماء قليلا متنجّسا متيقّنا ، ولكن شكّ في زوال نجاسته بالتّتميم كرّا ، فيتمسّك بالاستصحاب ويحكم بنجاسة هذا الماء. وهو أمر ممكن معقول تشمله أدلّة الاستصحاب.
ودعوى عدم اعتبار فعليّة الموضوع في استصحاب الحكم الكلّي ، فيفرض امرأة
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ٢ ، ص ٤٤٥ ؛ ومصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٤٧٤.