وفيه : أوّلا : أنّ هذا وإن كان تامّا حسب مقام الثّبوت ، إلّا أنّه يحتاج إلى الدّليل حسب مقام الإثبات ، والمفروض ، أنّ الدّليل ثبت في بعض الموارد ، كالصّلاة ، حيث إنّ مقتضى حديث «لا تعاد الصّلاة إلّا من خمسة ...» هو أنّ الأمر بالأركان فيها يعمّ الذّاكر والنّاسي كليهما ، دون بقيّة الأجزاء والشّرائط ، فإنّها مختصّة بحال الذّكر فقط.
وثانيا : أنّه لا حاجة الى تعدّد الخطاب أصلا ، كما يتّضح لك وجهه في بيان ما هو المختار في المسألة.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : الحقّ هو أنّ النّاسى لا خطاب له وحده ، ولا تتوقّف صحّة عمله على أن يخصّص بالخطاب حتّى يصل الدّور إلى البحث عن إمكانه وعدم إمكانه ، بل النّاسي للجزء ـ مثلا ـ كالذّاكر له ، وكذا العاجز عنه ، كالقادر ، والجاهل به ، كالعالم ونحوهم ، كلّهم يقومون ويقعدون ويركعون ويسجدون و ... بدعوة أمر واحد متعلّق بطبيعيّ الصّلاة الشّامل لصلاة الغريق والمريض ، فلا اختلاف بين المكلّفين من هذه النّاحية ، بل الاختلاف في مصاديق المأمور به.
وإن شئت ، فقل : إنّ الأمر كالمأمور به ، وهما كالآمر واحد والتّعدّد والاختلاف إنّما هو في المأمورين ، وهذا يوجب التّعدّد والاختلاف في مصداق المأمور به.
وبالجملة : ليس النّسيان رافعا لفعليّة التّكليف ، بل هو عذر كسائر الأعذار الّتي لا يتنجّز التّكليف معها ، فهو رافع للعقوبة والمؤاخذة فقط ، لا للفعليّة ، كما هو كذلك في بقيّة الأعذار ، والتّفصيل موكول إلى محالّه المقرّرة ، فتأمّل جيّدا.