كذا ما جعل غاية للشّكّ ، إنّما هو علمه ، وأمّا المكلّف (بالكسر) الجاعل المقنّن فإنّما يلحظ طبيعيّ العلم ، لحاظا استقلاليّا ، فيأخذه في لسان الدّليل ويقول ـ مثلا ـ : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» فإذا علم المكلّف وتحقّق في نفسه العلم بالقذارة ، يكون هذا العلم طريقا بالنّسبة إلى الطّهارة الواقعيّة ، وغاية بالنّسبة إلى الطّهارة الظّاهريّة.
وبعبارة اخرى : اللّاحظ في موقف الجعل والإنشاء ، إنّما هو المكلّف (بالكسر) المقنّن ، ومن المعلوم ، أنّه إنّما يلحظ طبيعيّ العلم استقلاليّا ، كما يلحظ طبيعيّ الطّهارة والقذارة ، كذلك ، فيجعله في متن الخطاب ، إلّا أنّ المكلّف (بالفتح) الممتثل تارة يعلم الطّهارة الواقعيّة فيكون علمه بالقذارة طريقيّا ، واخرى يعلم الطّهارة الظّاهريّة ، فيكون علمه بالقذارة غاية وموضوعا.
وعليه : فلا يلزم اجتماع الطّريقيّة والموضوعيّة (الآليّة والاستقلاليّة) في العلم الّذي جعل غاية في ذيل الرّوايات المتقدّمة.
هذا ، ولكن أجاب بعض الأعاظم قدسسره عن الوجه الثّاني من الإشكال بنحو آخر ، فقال : ما حاصله : إنّ العلم في ذيل الرّوايات يكون غاية للحكم بالبقاء والاستمرار ، فيدلّ على استصحاب الحكم السّابق ، واقعيّا كان ، أو ظاهريّا ، فبقوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف ...» تمّت إفادة الحكمين لما اشير إليه من شمول كلمة : «شيء» لمعلوم العنوان ومشكوكه ، وقوله عليهالسلام : «حتّى تعلم ...» إشارة إلى الحكم ببقاء الحكم مطلقا ، واستصحابه إلى زمن العلم بالنّجاسة ، فلا يكون العلم غاية للحكم الواقعيّ ولا للظّاهري حتّى يلزم محذور اجتماع الطّريقيّة والموضوعيّة ، بل يكون