بالعلم المأخوذ في الغاية هو الطّريقيّ المحض بلا دخل له في الحكم ؛ وذلك ، لأنّ الحكم الواقعيّ مشترك بين العالم والجاهل ، فلا يعقل كونه مغيّا بغاية العلم حتّى يرتفع به وينقطع أمده بارتفاع الجهل وتحقّق العلم.
وإن شئت ، فقل : إنّ الحكم الواقعيّ لا يدور مدار الجهل والعلم ، وجودا وعدما ، حدوثا وبقاء ، بمعنى : أنّه ليس للعلم دخل في حدوث الحكم ولا بقاءه ، ولا في وجوده وعدمه ، بل العلم إنّما هو إرادة الواقع وكشفه والحكاية عنه ، فهو طريق محض.
نعم ، الحكم الواقعيّ الكلّي غايته النّسخ ، كما أنّ الحكم الواقعيّ الجزئيّ غايته تغيّر الموضوع وتبدّل الحالات ، كصيرورة الماء الطّاهر نجسا ، أو انقلابه ، كصيرورة الخمر خلّا ، أو استحالته ، كصيرورة الكلب ملحا.
وعلى الثّاني : (احتمال كون الحكم ظاهريّا) يراد بالعلم المأخوذ في الغاية هو الموضوعيّ ؛ إذ موضوع الحكم الظّاهريّ هو الشّكّ ، والعلم غاية للشّكّ بحيث يرتفع الشّكّ وينتهي أمده بالعلم ، فقوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» معناه : كلّ شيء ما لم تعلم أنّه قذر ، أو حتّى تعلم أنّه قذر ، نظيف ، ما دام مشكوكا كونه قذرا وإلى أن يرتفع الشّكّ ويعلم قذارته.
ونتيجة ذلك كلّه ، هو عدم إمكان إرادة الطّهارتين أو الحلّيّتين وهما الواقعيّة والظّاهريّة من الرّوايات ، وإلّا لزم اجتماع الطّريقيّة والموضوعيّة (الآليّة والاستقلاليّة) في العلم ، وهذا مستحيل.
وفيه : أنّ الطّريقيّ الملحوظ آليّا ، إنّما هو العلم الحاصل للمكلّف (بالفتح) ، و