والإنصاف : أن هذا الإشكال لا يخلو من دقّة ، ويضاف إليه أوّلا :
أنّه لا بدّ في الوضع من معرفة الموضوع له ، وواضح ، أنّ الهويّة الخارجيّة كنهها
في غاية الخفاء وإن كان مفهومها من أعرف الأشياء ، فكيف يجعل مثل هذه موضوعا له!
وثانيا : أنّه يلزم أن تكون قضيّة : «زيد معدوم» ممتنعة ،
لتضمّنها حمل أحد النّقيضين على الآخر ؛ إذ هي في قوّة أن يقال : «الوجود معدوم
وعدم» وهكذا قضيّة : «زيد إمّا موجود أو معدوم» لكونها في
قوّة : «الوجود إمّا وجود أو عدم» فالقضيّة إمّا ضروريّة أو ممتنعة ، إلّا أن
يرتكب التّجريد ويقال : بالتّجوّز والعناية.
أمّا
القسم الثّالث (الوضع العامّ
والموضوع له الخاصّ) :
فاختلف الأعلام في
وقوعه وعدمه ، ذهب جماعة إلى وقوعه ، وقد مثّلوا له بوضع الحروف وما ألحق بها من
الأسماء والظّروف ، وذهب جماعة اخرى منهم المحقّق الخراساني قدسسره إلى عدم وقوعه.
والتّحقيق يقتضي البحث هنا عن معاني الحروف وكيفيّة وضعها.
(المقام الخامس : المعاني الحرفيّة وكيفيّة وضع الحروف)
فنقول : يقع الكلام في أمرين :
أحدهما : في بيان حقيقة المعنى الحرفي.
__________________