رعيته ، وخاف التقصير فى سيرته. وقد تقدم فى سورة البقرة تفصيل ذلك ، ولقد أحسن الشاعر فى التحذير ، من الاغترار بزخرف هذه الدار ، فقال :
هو الحمام فلا تبعد زيارته |
|
ولا تقل : ليتنى منه على حذر |
يا ويح من غرّه دهر فسرّ به |
|
لم يخلص الصّفو إلا شيب بالكدر |
انظر لمن باد تنظر آية عجبا |
|
وعبرة لأولى الأبصار والبصر |
بادوا فعادوا حديثا ، إنّ ذا عجب |
|
ما أوضح الرّشد لو لا غفلة النّظر |
تنافس النّاس فى الدّنيا وقد علموا |
|
أنّ المقام بها كاللّمح بالبصر |
فخلّ عن زمن تخشى عواقبه |
|
إنّ الزمان إذا فكّرت ذو غير |
واعمل لأخراك لا تبخل بمكرمة |
|
ومهّد العذر ؛ ليس العين كالأثر |
ثم نبه الحق تعالى أن الإخبار بقصة يوسف عليهالسلام من أعلام النبوة لنبينا صلىاللهعليهوسلم فقال :
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧))
قلت : (ذلك) : مبتدأ ، و (من أنباء الغيب) : خبر. و (نوحيه) : حال.
يقول الحق جل جلاله : (ذلِكَ) أي : خبر يوسف وقصته ، هو (مِنْ أَنْباءِ) أخبار (الْغَيْبِ) التي لم يكن لك بها علم ، وإنما علمته بالوحى الذي (نُوحِيهِ إِلَيْكَ) فأخبرتهم به. (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) أي : وما حضرت عندهم ، (إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) : حين عزموا أمرهم على أن يجعلوه فى غيابة الجب ، (وَهُمْ يَمْكُرُونَ) به ، وبأبيه ؛ ليرسله معهم. ومن المعلوم الذي لا يخفى على مكذبيك أنك ما لقيت أحدا من الأحبار