سورة الأنعام
مكية غير ست آيات أو ثلاث ، وقال الكلبي : الأنعام كلها مكية إلّا آيتين نزلتا بالمدينة فى فنحاص اليهودي ، وهى : (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى) (١) مع ما يرتبط بهذه الآية.
وهى مائة وخمس وستون آية ، قاله البيضاوي. قال ابن عباس : (نزلت سورة الأنعام وحولها سبعون ألف ملك ، لهم زجل (٢) يجأرون بالتسبيح). وقال كعب : (فاتحة الأنعام هى فاتحة التوراة ؛ (الْحَمْدُ لِلَّهِ ...) إلى (... يَعْدِلُونَ) ، وخاتمة التوراة خاتمة هود ؛ (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٣)). وقيل : خاتمتها : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ...) (٤) إلى (... تَكْبِيراً). وقال سيدنا على ـ كرم الله وجهه ـ : (من قرأ سورة الأنعام فقد انتهى فى رضا ربه). قاله ابن عطية.
ومناسبتها لما قبلها : الاستدلال على قدرته تعالى التي ختم بها ما قبلها ، ومضمنها : التعريف بالذات المقدسة ، دلالة وعيانا ، والاستدلال على وحدانيتها وما يجب لها من صفات الكمال ، والرد على طوائف المشركين ، وذم أحوالهم وأفعالهم ، ومدح أهل التوحيد من العارفين أو المؤمنين ، قال الشيخ زرّوق رضى الله عنه فى شرح الرسالة : ما ذكره الشيخ ابن أبى زيد ، فى عقائد رسالته ، هو ما تضمنته سورة الأنعام. ه. بالمعنى.
قال جل جلاله :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١))
قلت : (ثم الذين كفروا) : عطف على جملة الحمد ؛ على معنى : أن الله حقيق بالحمد على ما خلقه ، نعمة على العباد ، ثم الذين كفروا بربهم الذي ربّاهم بهذه النعم ، يعدلون به سواه من الأصنام ، يقال : عدلت فلانا بفلان ؛ جعلته نظيره. أو عطف على «خلق ، وجعل» : على معنى أنه خلق وقدّر ما لا يقدر عليه غيره ، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شىء. ومعنى (ثم) : استبعاد عدولهم بعد هذا البيان. والباء فى «بربهم» متعلقة بكفروا ، على الأول ، وبيعدلون على الثاني. قاله البيضاوي.
يقول الحق جل جلاله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي : جميع المحامد إنما يستحقها الله ، إذ ما بكم من نعمة فمن الله. (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ) التي تظلّكم ، مشتملة على الأنوار التي تضىء عليكم ، ومحلا لنزول الرحمات والأمطار
__________________
(١) الآية ٩١ من سورة الأنعام.
(٢) زجل ، أي : صوت رفيع عال.
(٣) الآية ١٢٣ من سورة هود.
(٤) الآية ١١١ من سورة الإسراء.