سورة الأعراف
هى مكية إلا ثمانى آيات ، من قوله تعالى : (وَسْئَلْهُمْ) إلى قوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا) ، وقيل : إلى قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ). وآياتها : مائتان وخمس. قاله البيضاوي. ومضمنها : الحث على اتباع ما أنزله على نبيه من التوحيد والأحكام ، والتحذير من مخالفته ومتابعة الشيطان ، وذكر وبال من تبعه من القرون الماضية ، وما لحقهم من الهلاك فى الدنيا والعذاب فى الآخرة ، تتميما لقوله : (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١).
وافتتح السورة بالرموز التي بينه وبين حبيبه ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المص (١))
إما أن تكون مختصرة من المصطفى ، على عادة العشاق ؛ يرمزون إلى ذكر بعض حروف المحبوب ، اتقاء الرقباء ، أي : يا أيها المصطفى المختار لرسالتنا ؛ هذا كتاب أنزل إليك ، وإما أن تشير إلى العوالم الثلاثة : الجبروت والملكوت والملك. وزاد هنا الصاد ، إشارة إلى صدقه فيما يخبر به من علم الغيوب ، ولذلك ذكر هنا جملة من القصص والأخبار.
وقال الورتجبي : كان الله ـ تبارك وتعالى ـ إذا أراد أن يتكلم مع نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم بقصص الأنبياء ، وما جرى عليهم فى الدهور والأعصار ، وشأنه معهم فى الأسرار والحقائق والشرائع ، وأراد أن يخصه صلىاللهعليهوسلم بشريعته ، وما يكون من طريقته الخاصة إلى حضرته ، ويخبره بما كان وما يكون ، أشار إلى هذه الأشياء بحروف التهجي ، وأعلمه سر ذلك بخفي الإشارة ولطيف الخطاب ، وعلم تعالى أنه عليه الصلاة والسلام يعرف بتلك الإشارة مراده من علم سابق ، ونبأ صادق ، وعلم تعالى أن عموم أمته لا تعرف تلك الإشارة ، فعبّر عنها بسورة طويلة من القرآن ؛ ليعرفوا مراده سبحانه من خطابه ، وخواص أمته ربما تطلع على سر بعضها ، كالصحابة والتابعين والمتقدمين من العلماء والأولياء ، كأنّ حروف المقطعات رموز ومعانى سور القرآن ، لا يعرف تلك الرموز إلا الربانيون والأحبار من الصديقين. ه.
__________________
(١) من الآية ١٦٥ من سورة الأنعام.