سورة الأنفال
مدنية. وآياتها : ست وسبعون آية ، نزلت كلها فى غزوة بدر الكبرى ، حين اختلف الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ فى قسمة الغنائم ، وهى الأنفال. ووجه المناسبة لما قبلها : تحريض المؤمنين على الطاعة ، والانقياد في شأن الغنائم وغيرها حتى يتشبهوا بالملائكة فى سرعة الانقياد والخضوع لله تعالى ، فى قوله : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) الآية (١).
قال الحق جل جلاله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤))
يقول الحق جل جلاله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ) قسمة (الْأَنْفالِ) وهى الغنائم ، سميت الغنيمة نفلا لأنها عطية من الله تعالى ، وزيادة فضل ، كما يسمى ما يشترطه الإمام للشجاع المقتحم خطرا ، نفلا ؛ لأنه عطية له زيادة على سهمه ، وكما سمى يعقوب عليهالسلام نافلة ؛ لأنه عطية زائدة على ولد إبراهيم عليهالسلام ، حيث كان حفيده. ثم أجابهم الحق تعالى فقال : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي : أمرها إلى الله ورسوله ، يقسمها رسول صلىاللهعليهوسلم حيث يأمره الله تعالى ، وفى الوضع الذي يعينه له.
وسبب نزولها : اختلاف المسلمين في غنائم بدر كيف تقسم ، هل فى المهاجرين لفقرهم ، أو فى الأنصار لنصرهم ، أو فيهما معا. قال ابن جزى : وذلك أنهم كانوا يوم بدر ثلاث فرق : فرقة مع النبي صلىاللهعليهوسلم فى العريش تحرسه وتؤنسه ، وفرقة اتبعوا المشركين فقتلوهم وأسروهم ، وفرقة أحاطوا بأسلاب العدو وعسكرهم لما انهزموا ، فلما انجلت الحرب واجتمع الناس ، ورأت كل فرقة أنها أحق بالغنيمة من غيرها ، اختلفوا فيما بينهم. فنزلت الآية. ه.
__________________
(١) الآية : ٢٠٦ من سورة الأعراف.