سورة هود
مكية إلا قوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) ؛ نزلت فى نبهان التمار بالمدينة ، وهى مائة وثلاث وعشرون آية. ووجه المناسبة لما قبلها : قوله تعالى : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ) (١) ؛ وهو كتاب أحكمت آياته.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الر).
قال فى القوت ، فى تفسير (الر) : هذه ثلاثة أسماء : (الله ، لطيف ، رحيم). وقيل : هى حرف من اسم الرحمن. قلت : أو مختصرة من الرسول ؛ خطابا للنبى صلىاللهعليهوسلم. ويمكن أن يشير بالحروف للعوالم الثلاثة ؛ فالألف لوحدة الجبروت ، واللام لتدفق أنوار الملكوت ، والراء لسريان إمداد الرحموت فى سائر الموجودات ، وأعظمها وعنصرها : نزول الكتاب العزيز. ولذلك بدأ بذكره ، فقال :
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥))
قلت : (كتاب) : خبر ، أي : هذا كتاب. و (أحكمت) : صفة. و (من لدن) : خبر ثان ، أو خبر «كتاب» إن جعل مبتدأ ، أو صفة له ، إن كان خبرا. و (ألّا تعبدوا) : «أن» : مفسرة ، أو مصدرية فى موضع مفعول لأجله ، أو بدل من الآيات ، أو مستأنف. و (أن استغفروا) : عطف عليه. و (حين) : متعلق بمحذوف ، أي : ألا إنهم يثنونها حين يستغشون ... إلخ. و (يعلم) : استئناف لبيان النقض عليهم.
يقول الحق جل جلاله : أيها الرسول المصطفى ، هذا الذي تقرؤه (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) ؛ أتقنت ، ونظمت نظما محكما ، لا يعتريه خلل من جهة اللفظ ولا المعنى ، أو أحكمت من النسخ بشريعة أخرى ، أو أحكمت
__________________
(١) من الآية : ١٠٩ من سورة يونس.