لأن الأرض كانت مذأبة ، وقيل : رأى فى المنام أن الذئاب أحدقت بيوسف فكان يخافه ، وإنما كان تأويلها : إحداق إخوته به حين أرادوا قتله. (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) : جماعة ، (إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) : مغبونون من القوة والحزم ، أو مستحقون بأن يدعى عليهم بالخسارة.
الإشارة : لم يسمح يعقوب عليهالسلام بفراق حبيبه ساعة ، وكذلك العبد لا ينبغى أن يغفل عن سيده لحظة ؛ لأن الغفلة فراق ، والذكر انجماع ، والعبد لا صبر له عن سيده. وأنشدوا :
فلأبكين على الفراق كما بكى |
|
سفا لفرقة يوسف يعقوب |
ولأدعونك فى الظلام كما دعا |
|
عند البلية ربّه أيوب |
وأنشدوا أيضا فى ذم الغفلة :
غفلت عن الأيّام يا أخى فانتبه |
|
وشمّر فإن الموت لا شك واقع |
على أي شىء هو حزنك قائم |
|
جنود المنايا تأتيك فانهض وسارع |
قيل : إن بعض الصالحين رأى أستاذه فى المنام ، فقال له : يا أستاذ ، أي الحسرات عندكم أعظم؟ قال : حسرة الغافلين. وأنشدوا :
تيقظ إلى التّذكار فالعمر قد مضى |
|
وحتى متى ذا السكر من غفلة الهوى |
ورأى ذو النون المصري بعض الصالحين فى المنام ، فقال له : ما فعل الله بك؟ قال : أوقفنى بين يديه ، وقال : يا مدعى ، ادعيت محبتى ثم غفلت عنى. وأنشدوا :
تغافلت عن فهم الحقيقة بالهوى |
|
فلا أذن تصغى ولا عين تذرف |
ضعفت ولكن فى أمانيك قوة |
|
فيا تابع اللذات كم تتخلف |
ورأى عبد الله بن مسلمة والده فى النوم ، فقال له : يا أبت ، كيف ترى حالك؟ فقال له : يا ولدي عشنا غافلين. وأنشدوا :
غفلت وحادى الموت يحدوك للبلا |
|
وجسمك يا مغرور أصبح معتلا |
وحتى متى يا صاح بابك مغلق |
|
أتاك نذير الموت والعمر قد ولّى |