ووصف عثمان بن
عفّان شدّة عمر حينما نقم عليه المسلمون بقوله : لقد وطئكم ابن الخطّاب برجله ،
وضربكم بيده ، وقمعكم بلسانه ، فخفتموه ورضيتم به ... .
ويقول المعنيّون
في البحوث الإسلامية : إنّ هذه السياسة تجافي سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم التي بنيت على
الرفق واللين واجتناب جميع مظاهر العنف والشدّة ، وقد روى المؤرّخون صورا كثيرة من
تواضعه كان منها أنّ رجلا جاءه فأخذته الرهبة منه وبدى عليه الرعب ، فنهره الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له : «
إنّما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد » ، وسار مع أصحابه
سيرة الأخ مع أخيه ، وكره أن يتميّز على أحد منهم وقد شاركهم في العمل في بناء
مسجده الأعظم ، وقد مدحه الله تعالى على سموّ أخلاقه قال تعالى : ( وَإِنَّكَ
لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .
وعلى أي حال فإنّ
الغلظة لا تتّفق بأي حال من الأحوال مع ما اثر عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من سموّ الأخلاق
ومحاسن الآداب.
فرض الإقامة الجبرية على الصحابة :
ومن بنود السياسة
العمرية فرض الإقامة الجبرية على الصحابة ، فلم يسمح عمر لهم بمغادرة يثرب إلاّ
بعد أن يأذن لهم بذلك ، ويرى الباحثون في الشؤون الإسلامية أنّ هذا الإجراء يتنافى
مع ما شرّعه الإسلام من منهج الحريات العامّة للناس جميعا ، فهم أحرار فيما يعملون
ويقولون شريطة أن لا تكون مجافية للتعاليم الإسلامية ، وليس للسلطة أن تقف منهم
موقفا سلبيا ، اللهمّ إلاّ إذا أحدثت الحرية أضرارا بالغير أو فسادا في الأرض.
__________________