أحسبك سمعت قول الخليل بن أحمد في وصف البصرة إذ يقول في قصر أنس بن مالك ونهر بن عمرو وادي العقيق :
يا وادي القصر نعم القصر والوادي (١)
وقول ابن أبي عيينة في ذلك (٢) :
يا جنّة فاقت الجنان فما |
|
تبلغها قيمة ولا ثمن |
علقتها فاتّخذتها وطنا |
|
إنّ فؤادي بذكرها وطن |
زوّج حيتانها الضّباب بها |
|
فانظر وفكّر يا صاح في سفن |
وقوله أيضا في أرض البصرة :
يذكّرني الفردوس طورا فأرعوي |
|
وطورا يواتيني إلى القصف والفتك |
لغرس كأبكار الجواري وتربة |
|
كأنّ ثراها ماء ورد على مسك |
وسرب من الغزلان يرتعن حوله |
|
كما انسلّ منظوم من الدّرّ من سلك |
وورقاء تحكي الموصليّ إذا شدت |
|
بتغريدها أحبب بها وبمن تحكي |
فيا طيب ذاك القصر قصرا ونزهة |
|
بأفيح رحب غير وعر ولا ضنك |
وسأل هشام بن عبد الملك خالد بن صفوان عن البصرة فقال : إذا أخبرك يا أمير المؤمنين ، يخرج قانصان فيجيء هذا بالطير والظليم ، وهذا بالسمك والشبّوط ، ونحن أكثر الناس ساجا وعاجا وخزّا وديباجا وبرذونا هملاجا ، وجارية مغناجا ، بيوتنا الذهب ، ونهرنا العجب ، أوّله رطب وآخره عطب ، فالنحل في
__________________
(١) في حيوان الجاحظ ٦ : ٩٩.
زر وادي القصر نعم القصر والوادي |
|
لا بد من زورة عن غير ميعاد |
ترى به السفن كالظلمان واقفة |
|
والضب والنون والملاح والحادي |
(٢) هو محمد بن أبي عيينة بن المهلب بن أبي صفرة من شعراء الدولة العباسية من ساكني البصرة. (الأغاني ٢٠ : ٧٥ ـ ١١٨) وتاريخ التراث العربي مج ٢ ج ٤ ص ٢٠٢. وبقية هذا الشعر في حيوان الجاحظ ٦ : ٩٩.