باب في مدح الغربة والاغتراب
قال الله عزّ وجلّ : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) وقال : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) وقال : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) وقال : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) الآية ، قال : وروى الزبير بن العوّام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «البلاد بلاد الله ، والعباد عباد الله ، فحيث ما أصبت خيرا فأقم ، واتّق الله» وقال : «سافروا تغنموا» وقال (صلى الله عليه وسلم) : «موت الغريب شهادة». قال أبو المليح : أتيت ميمون بن مهران وقلت له : إني أريد سفرا ، فقال : اخرج لعلّك تصيب من آخرتك أفضل ما تؤمّل من دنياك ، فإن موسى بن عمران خرج يقتبس نارا لأهله فكلّمه الله عزّ وجلّ ، وخرجت بلقيس تطلب ملكها فرزقها الله الإسلام.
وقال عمر (رضي الله عنه) : لا تلثّوا بدار معجزة ـ أي لا تقيموا.
وقال سفيان الثّوريّ : لمّا خرج يوسف (عليه السلام) من الجبّ قال قائل منهم : استوصوا بالغريب خيرا ، فقال يوسف : من كان الله معه فلا غربة عليه.
وعن شريح بن عبيد قال : ما مات غريب في أرض غربة غابت عنه بواكيه إلّا بكت السماء عليه والأرض وأنشد :
إنّ الغريب إذا بكى في حندس |
|
بكت النّجوم عليه كلّ أو ان |
وقال معاوية للحارث بن الحباب : أيّ البلاد أحبّ إليك؟ قال : ما حسنت فيه حالي وعرض فيه جاهي ثم أنشأ يقول :