في أبنية البلدان وخواصها وعجائبها
قال بطليموس : إن اختلاف الأمم في ألوانهم وأخلاقهم وأجسامهم وطبائعهم وجميع حالاتهم من ثلاثة وجوه :
واحدها : من بعد الأرض من خط الاستواء. وهو مثل البلاد وانحرافها عن الخط يمنة أو يسرة.
الثاني : من قبل طبائع البروج المحاذية لسمت تلك البلاد والغالبة على طبائعها.
والثالث : بعد البلاد من مدار الشمس وقربها منه.
فأمّا الأرض العامرة في ربع الأرض الشمالي ، فما كان منها متيامنا وهو ما بين تغير الربيع إلى تغير الصيف ، وهو الذي محاذيها من البروج ما بين الحمل إلى السرطان. فإذا توسطت الشمس وسط السماء كانت على سمت رؤوسهم فأحرقتهم. فلذلك صارت أجسادهم سودا وشعورهم قططا وجثتهم ذابلة ، وطبائعهم حارة وعامة أشكالهم متوحشة لشدة حرّ أرضهم. وهم الحبشة والزنج والنوبة وأنواع السودان. وليس يكون ذلك فيهم وحدهم ، ولكنه يكون في الهواء المحيط بهم. وكذلك يبس دواب أرضهم وشجرهم في جميع ذلك تحرقه أرضهم.
وأما ما كان متيامنا (١) [٩٩ أ] من الأرض فلتباعد سمت رؤوسهم عن مدار الشمس وحرارتها ومدار البروج ، كان مكانهم باردا تنالهم كثرة الرطوبة. وتكون
__________________
(١) يبدو أنها (متياسرا).