كما يشير إليه قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ). (١)
نعم ، يظهر من الرواية عدم اختصاص الرسوخ في العلم بهم ، بل كلّ من كان راسخ العلم وثابت الإيقان بالله وآياته ، فهو من الراسخين في العلم ، ولا ضير فيه. وقد أطلق الله سبحانه هذا الاسم على غيرهم ، إذ قال : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ) (٢)
ومن هنا يظهر معنى ما في تفسير العيّاشي عن بريد بن معاوية ، قال : قلت لأبي جعفر ـ عليهالسلام ـ : قول الله (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قال : يعني تأويل القرآن كلّه إلّا الله والراسخون في العلم ، فرسول الله أفضل الراسخين في العلم ، قد علّمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله منزّلا عليه شيئا لم يعلّمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه ، فقال الذين لا يعلمون : ما نقول إذا لم نعلم؟ فأجابهم الله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، والقرآن له خاصّ وعامّ ، وناسخ ومنسوخ ، ومحكم ومتشابه ، فالراسخون في العلم يعلمونه ، الحديث. (٣)
فظاهر أوّله وإن كان عطف (وَالرَّاسِخُونَ) على المستثنى والإشتراك في الحكم ، كما هو اللائح عن كثير من الأخبار ، كما في الكافي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله. (٤) لكن استدلاله
__________________
(١). الشورى (٤٢) : ٥٢.
(٢). النساء (٤) : ١٦٢.
(٣). تفسير العيّاشي ١ : ١٦٤ ، الحديث : ٦ ؛ الكافي ١ : ٢١٣ ، الحديث : ٢.
(٤). الكافي ١ : ٢١٣ ، الحديث : ١.