حيث أنّ عدم المنع عن الفعل ، بعد العلم إجمالا بعدم خلوّ فعل المكلّف عن أحد الأحكام الخمسة ، لا ينفكّ عن كونه مرخّصا فيه. فهو نظير إثبات وجود أحد الضدّين بنفي الآخر بأصالة العدم.
ومن هنا
______________________________________________________
(حيث انّ) المستصحبات الثلاثة : من (عدم) التّكليف ، وعدم العقاب ، وعدم (المنع عن الفعل ، بعد العلم اجمالا بعدم خلوّ فعل المكلّف عن أحد الأحكام الخمسة) في حال ما بعد البلوغ ، وما بعد الجنون والنوم (لا ينفك) عقلا (عن كونه) أيّ : عن كون الفعل (مرخّصا فيه) أيّ : جائزا قد أذن الشارع به.
(فهو) أي : ترتب الجواز على المستصحبات المذكورة وإثبات الاذن الشرعي بها ، يكون حينئذ ـ حسب ما فصلناه ـ : (نظير إثبات وجود أحد الضدّين بنفي) الضد (الآخر) نفيا ، (بأصالة العدم) فكما ان انتفاء أحد الضدّين مقارن لوجود الضد الآخر ، لا أنّه اثر شرعي للضد الآخر ، كذلك انتفاء عدم التّكليف مقارن لوجود الجواز ، لا أنّه أثر شرعي له ، حتى يثبت بسبب الاستصحاب ، إذ قد عرفت : أنّ اللوازم العقليّة ، واللوازم العرفيّة ، واللوازم العاديّة ، لا يثبت شيء منها بالاستصحاب ، فكيف بالمقارنات فانّها لا تثبت بالاستصحاب حتى عند القائلين بالاصل المثبت.
(ومن هنا) بدأ المصنّف في الاشكال على كلام صاحب الفصول الآتي ، وتوضيحه : انه قد تبيّن ممّا تقدّم : انّه لو سلّمنا أمرين ، لم نتمكن من اجراء استصحاب عدم التكليف في شرب التتن حال الصغر ، لاثبات جواز شرب التتن وعدم العقاب على شربه حال الكبر :
الأوّل : أنّ الاستصحاب ليس حجّة من باب الظنّ اذ لو كان حجّة من باب الظنّ