بل لو تمّ لم يتمّ إلّا فيه ، لأنّ وجوب الاجتناب عن الحرام لم يثبت إلّا بدليل حرمة ذلك الشيء او أمر وجوب إطاعة الأوامر والنواهي ، ممّا ورد في الشرع وحكم به العقل. فهي كلّها تابعة لتحقق الموضوع ، أعني الأمر والنهي ، والمفروض الشكّ في تحقق النهي.
______________________________________________________
لا علم بوجوب اجتناب التتن مثلا فللخمر الواقعي مقدّمة علمية وهو محتمل الخمرية ، بينما ليس لشرب التتن حرمة واقعية نعلمها حتى يجب الاجتناب عن أفرادها المحتملة مقدّمة لمحرّم واقعي.
(بل لو تمّ) هذا الدليل في نفسه (لم يتم الّا فيه) أي : في الشبهة في طريق الحكم وهي الشبهة الموضوعيّة لا في الشبهة في الحكم ، وذلك (لأنّ وجوب الاجتناب عن الحرام لم يثبت الّا بدليل حرمة ذلك الشيء) كحرمة الخمر (أو أمر وجوب إطاعة الأوامر والنّواهي ممّا ورد في الشرع) حيث قال سبحانه : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١) وقال سبحانه : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٢) (وحكم به العقل) لأنّ العقل حاكم بوجوب الطاعة والاجتناب عن المعصية.
وعليه : (فهي) أي : دليل الحرمة ، والأمر بوجوب الطاعة (كلّها تابعة لتحقق الموضوع أعني : الأمر والنهي) بأن نعلم بالأمر كالأمر بالاجتناب عن الخمر ، وأن نعلم بالنهي كالنهي عن شرب الخمر (و) الحال انّ (المفروض الشك في تحقّق النهي) بالنسبة الى الشبهة الحكمية كشرب التتن ، فانا لا نعلم بحرمته والنهي عنه لا تفصيلا ولا اجمالا ، فأين دليل الحرمة والأمر بوجوب طاعة النهي حتى يثبت وجوب اجتناب الحرام ، فيقال : بأنّه يجب اجتناب المشتبه وهو التتن من باب
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٥٩.
(٢) ـ سورة الحشر : الآية ٧.