ولا يتمّ إلّا باجتناب ما يحتمل التحريم ممّا اشتبه حكمه الشرعيّ ومن الأفراد الغير الظاهرة الفرديّة ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به وكان مقدورا فهو واجب ، إلى غير ذلك من الوجوه ، وإن امكن المناقشة في بعضها ، فمجموعها في مثل ذلك كاف شاف في هذا
______________________________________________________
لأنّ العقل يرى وجوب اطاعة المولى والنقل كذلك ، فقد ورد متواترا في الآيات والروايات وجوب الاجتناب عن المحرمات ، لأن من لم يجتنب عن المحرّمات يعاقب في الدنيا والآخرة (ولا يتم) الاجتناب عن كلّ حرام واقعي (الّا باجتناب ما يحتمل التحريم ممّا اشتبه حكمه الشرعي) كالتتن وكالغراب حيث لا نعلم هل هو حرام أو حلال؟.
(و) كذا بالاجتناب (من الأفراد غير الظاهرة الفردية) وذلك فيما كان الشك بين الأقلّ والأكثر كما تقدّم من مثال الغناء ، حيث نعلم انّ المطرب المرجّع فيه حرام ، ونشكّ في انّ الزائد على ذلك كالمطرب وحده ، والمرجّع فيه وحده ، هل هو حرام أو حلال؟ فحيث حرّم الشارع الغناء يجب الاجتناب عن جميع أفراده المتيقنة والمشكوك فيها.
والحاصل : انّ الاجتناب عن الحرام واجب (وما لا يتم الواجب الّا به وكان مقدورا فهو واجب) ومن الواضح : انّه لا يتم الاجتناب عن جميع المحرّمات الّا بالاجتناب عن المحرّمات المحتملة ، كالتتن والغناء وما أشبه ذلك.
ثم قال الشيخ الحرّ : (الى غير ذلك من الوجوه) التي تؤيد ما ذكرناه : من تقسيم الشبهة الى الحكمية والموضوعيّة والتفصيل بين حكمهما ، فانّه (وان أمكن المناقشة في بعضها) لا يضرنا ذلك (فمجموعها في مثل ذلك) التفصيل الذي ذكرناه بين الشبهتين : الحكمية والموضوعيّة دليل (كاف شاف في هذا