وأمّا ما ذكره : «من المانع لشمول النبويّ للشبهة الموضوعيّة من أنّه لا يعلم الحلال من الحرام إلّا علّام الغيوب» ، ففيه : أنّه إن اريد عدم وجودهما ، ففيه ما لا يخفى ، وإن اريد ندرتهما ، ففيه أنّ الندرة تمنع من اختصاص النبويّ بالنادر لا من شموله له ،
______________________________________________________
لا يستشكل عليه بما ذكرناه : من انّ الرواية غير حاصرة ، لأنّ له أن يجيب : بأن الرواية بقرينة «يرد حكمه» في صدد الشبهة الحكمية فقط ، بخلاف استدلاله بروايات «التثليث» التي عرفت انّها أعمّ من الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية ، فمن أراد اخراج الشبهة الموضوعيّة منها ، لزمه عدم كون الروايات حاصرة.
(وأما ما ذكره) الحرّ رحمهالله (من المانع) العقلي (لشمول النبوي للشبهة الموضوعيّة : من) ان الحلال والحرام دائما مشتبهان ، وانه ليس هناك حلال بيّن ، أو حرام بيّن ، ل (انه لا يعلم الحلال من الحرام الّا علّام الغيوب) وقد مثّلنا لذلك سابقا (ففيه) ما اشار اليه بقوله :
(انّه ان اريد عدم وجودهما ، ففيه ما لا يخفى) لوضوح أن أشياء كثيرة من الموضوعات محلّلة : كالمياه ، وأراضي الموات ، والأسماك ، والطيور ، والوحوش ، والغابات ، والأتربة ، وغير ذلك من المحللات القطعية الكثيرة ، كما أن هناك الكثير من المحرمات القطعية مثل : الزنا ، والخمر ، والقمار ، وعبادة الاصنام ، وغير ذلك.
(وان اريد ندرتهما) أي : ندرة الحلال البيّن والحرام البيّن (ففيه) :
أولا : عدم الندرة كما عرفت.
ثانيا : (ان الندرة تمنع من اختصاص النبوي بالنادر ، لا من شموله له) فانّ النبوي لا يمكن أن يختص بالأمور الموضوعيّة لندرة الحلال البيّن والحرام البيّن ، لا أنه