أنّه إن اريد ما يتعلق بأمر الآخرة من العقاب فيجب على الحكيم تعالى بيانه ، فهو مع عدم البيان مأمون ، وإن اريد غيره ممّا لا يدخل في عنوان المؤاخذة من اللوازم المترتبة مع الجهل أيضا ، فوجوب دفعها غير لازم عقلا ، إذ العقل لا يحكم بوجوب الاحتراز عن الضرر الدنيويّ المقطوع إذا كان لبعض الدواعي النفسانيّة ،
______________________________________________________
ان العقل يرى وجوب دفع الضرر المحتمل كما يرى وجوب دفع الضرر المقطوع به ، ولعل قول المصنّف بعد التسليم : انّما اراد أن يشير الى ان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ليست كلية ؛ وذلك لما نرى من اقدام العقلاء على الاضرار حتى الكثير منها.
ثمّ بعد التسليم نقول : (انّه ان اريد) بالضرر المحتمل : الواجب الدفع وهو : (ما يتعلق بأمر الآخرة من العقاب) بأن احتمل بأنّ في شرب التتن ـ مثلا ـ عذابا في الآخرة ، (فيجب على الحكيم تعالى بيانه) لقبح العقاب بلا بيان عقلا وشرعا ـ على ما تقدّم ـ (فهو) أي ، العقاب (مع عدم البيان مأمون) فلا احتمال للضرر الاخروي (وان اريد غيره) أي : غير العقاب الاخروي من الضرر المحتمل بان كان (ممّا لا يدخل في عنوان المؤاخذة) الاخروية بل كان (من اللوازم المترتبة) على المحرمات الواقعية حتى (مع الجهل أيضا) مثل المرض المترتب على شرب الخمر وما أشبه ذلك (فوجوب دفعها غير لازم عقلا) فانّ القاعدة العقلية القائلة بوجوب دفع الضرر المحتمل لا تجري في كل مكان (اذ العقل لا يحكم بوجوب الاحتراز عن الضرر الدنيوي المقطوع) به (اذا كان لبعض الدواعي النفسانية) والتراجيح العقلائية.
مثلا : تراهم يركبون البحار مع احتمال الغرق ، لكون ذلك عندهم أهم ، بأن كان